الرئيسية / البيئة والمناخ / قرن الخرتيت قبلة الحياة لـ”جنابي اليمن”
جنابي اليمن

قرن الخرتيت قبلة الحياة لـ”جنابي اليمن”

قرن الخرتيت قبلة الحياة لـ”جنابي اليمن”

عمر الحياني

تواجه الصناعات والمهن اليدوية ذات الطبيعة التراثية في العديد من الدول العربية خطر الانقراض، وإذا كانت الأسباب غالبا ما تنحصر في قلة إقبال المستهلكين عليها أو ندرة الأيدي العاملة الماهرة، فإن صناعة السيوف الصغيرة “الجنابي” في اليمن تواجه مشكلة ذات طبيعة خاصة تتمثل في ندرة الخامة اللازمة للصناعة، التي هي بالنسبة له “قرن الخرتيت”.

فالقرن هو المادة التي يصنع منها مقبض “الجنابي”، لكنه لم يعد متوافرا بكثرة، لدرجة دفعت عبد الله العزيري -وهو أحد شيوخ المهنة – بقوله لـ”صحيفة الحياة ” إن مستقبلها في خطر.

وكانت هذه المشكلة قد ظهرت مع صدور قرار مجلس الوزراء عام 2002 بمنع استيراد الحيوانات المهددة بالانقراض، ومنها الخرتيت أو ما يعرف بـ”وحيد القرن”, وتجريم الاتجار به، تنفيذا للتعهدات التي قطعتها اليمن على نفسها بانضمامها لاتفاقيات تنظيم الاتجار في الأنواع المهددة بالانقراض للحفاظ على الحيوانات والنباتات البرية، المعروفة اختصارا باتفاقية (سايتس) عام 1997م.

وقد ارتفع قيمة تداول قرون وحيد القرن عام 2012 م إلى نحو 65 ألف دولار للكيلوغرام لتصبح أغلى من الذهب,وفقا لوكالة رويترز للإنباء .

وتعد جنوب افريقا موطن لأكثر من عشرين ألف حيوان من وحيد القرن أو نحو 90% من كل حيوانات وحيد القرن في أفريقيا لكنه يواجه مخاطر الانقراض هناك.
فوفق بيان صادر عن وزارة البيئة أوضح ” إنه اذا استمر الصيد غير المشروع وبنفس الوتيرة فقد يؤدي إلى انقراضه في غضون عشر سنوات تقريبا” .
إشتعال الأسعار
زيادة الطلب عليه في اليمن وبعض الدول الاخرى ضاعف من معدلات الصيد غير المشروع بصورة كبيرة منذ عام 2007 عندما بدأت طبقة الأثرياء في الصين وفيتنام وتايلند إنفاق المزيد على قرون وحيد القرن للطب التقليدي .
لكن صناعة الجنابي في اليمن اتجهت الى بدائل مختلفة لقرن الخرتيت، منها قرن البقر الهندي والوعل والخشب، لكنها ليست بنفس الجودة، ولا تلقى ذات الاهتمام، وهو ما أدى -بحسب العزيري- إلى ارتفاع أسعار “جنابي قرن الخرتيت” لتصل إلى مبالغ خيالية.

والحل من وجهة نظر العزيري هو السماح بدخول كمية ولو قليلة منه، كما هو حاصل في العديد من الدول، كالهند والصين، لإنقاذ هذه الصناعة من الانقراض.

وحيد القرن
وحيد القرن

ويرجع تاريخها في اليمن إلى حوالي 6000 سنة حيث اكتشفت بعض الآثار والصور التي أظهرت ملوك دولة حمير وسبأ بـ”الجنابي”، و لا يزال أحد مكونات الزي التقليدي في الكثير من المناطق اليمنية، فهو بالنسبة لليمنيين زينة للرجل ورمز للرجولة والقوة والمكانة الاجتماعية، كما هو سلاح للدفاع عن النفس في الأوقات الحرجة، ويعتبر رمزا أساسيا في الرقص الشعبي اليمني أو ما يطلق علية “البرع”.

ويتكون من ثلاثة أجزاء، هي المقبض، يقوم الحرفي بتقطيعه ونحته من “قرن الخرتيت” على شكل حرف “T” مع إضافة اللمسات الفنية عبر تزيينه وزخرفته بقطع من الذهب أو الفضة والأحجار الكريمة، أما جزؤه السفلي والمسمى بـ”النصل” فهو عبارة عن قطعة حديد بالغة اللمعان والحدة يتم طرقها وصنفرتها لتصل حد اللمعان، ويضاف له المبسم (الحزام) الذي يدخل في تصنيعه جلد الماعز مع إضافة نقشات وزخارف من الفضة والذهب، ويحفظ في صندوق خشبي يسمى (الجفل) ومادته الأساسية خشب الطنب المغطى بالجلد بعد إضافة الزخارف.

وتشتهر العديد من مناطق اليمن عبر التاريخ بصناعته، ويعد سوق الملح الواقع في مدينة صنعاء القديمة أهم مراكز الصناعة وأكثرها حيوية ونشاطا.
هدايا السياح
وإلى جانب اعتزاز أهالي اليمن به، فهو لا يقل أهمية عند زوار اليمن من السياح الذين يربطون زيارتها بشرائه، كأفضل هدية يمكن تقديمها لذويهم بعد عودتهم لبلادهم.
وعبر التاريخ استطاعت هذه الصناعة أن تجذب عديدا من الحرفيين حتى وصل عدد العاملين بها إلى10 آلاف شخص، ينتظرهم خطر البطالة إذا لم تعد الدولة التفكير في قرار حظر استيراد قرن الخرتيت.

شاهد أيضاً

المهندس طارق حسان

مقابلة خاصة | طارق حسان، أحد الرواد الأوائل للعمل المناخي في اليمن.

المهندس طارق حسان – رائد العمل المناخي في اليمن حضوره ل عشرة مؤتمرات مناخ كمراقب وممثل …