الرئيسية / العلوم و التكنواوجيا / روبيرت ميتكالف..”المخترع الذي جعل الحواسيب تتحدث مع بعضها” يتنبأ مجددا عن المستقبل
Metcalfe @ HLF23
Metcalfe @ HLF23

روبيرت ميتكالف..”المخترع الذي جعل الحواسيب تتحدث مع بعضها” يتنبأ مجددا عن المستقبل

ميتكالف: المنافسة التكنولوجية الحاصلة بين الولايات المتحدة والصين ليست إيجابية ,,, ووجود هيئة دولية تشرف على الذكاء الاصطناعي يحد من الابتكار, والإنترنت ليس حقا من حقوق الإنسان.

 

كتب – عبدالرحمن أبو طالب 

 

بعد لقاء وقصة نشرتها عن فينتون سيرف “أبو الانترنت”، لازلتُ غير مصدق ، كيف أن الحظ ابتسم لي؟ وأن قصتي التالية هو روبيرت (بوب) ميتكالف المخترع  والرائد البارز من رواد الاتصالات والانترنت ممن جعلوا من حياتنا قريةً صغيرةً بفضل ابتكاراتهم، والذي يأتي ضمن مجموعة من القصص أرويها وأنشرها تباعاً، أحاول من خلالها تقديم خلاصة لمشاهدات ونقاشات ولقاءات أجريتها خلال مشاركتي في منتدى “هايدلبرغ” للحائزين على الجوائز في علوم الكمبيوتر والرياضيات الذي أقيم في مدينة “هايدلبرغ” على مدى خمسة أيام أواخر سبتمبر المنصرم. 

لهذا الرجل تاريخ حافل في علوم الكمبيوتر وإدارة الأعمال والابتكار والعمل الأكاديمي. كما يُعد من المشاركين البارزين في اختراع شبكة الإيثرنت Ethernet ، ويُنسب له اختراع توصيل الحواسيب، فقد تمكن أيضا من توصيل مسارات مختلفة في حياته المهنية متنقلا بين تخصص وآخر ومن موقع لآخر بحثًا عن العلم والتعلم والابتكار، وحصل  على العديد من الجوائز المرموقة في علوم الكمبيوتر وريادة الأعمال. كان حضور ميتكالف بارزا في المنتدى ومحط اهتمام الكثير من الباحثين الشباب وكان حديثه أثناء المؤتمر محورًا لنقاشات مثيرة، ولعل لقائي الخاص معه يحمل الكثير من الآراء الجديدة والجذابة.

مسودة خطاب ميتكالف
مسودة خطاب ميتكالف

ألقى ميتكالف خطابا ملهما في افتتاح المنتدى – منحني نسخة من مسودة الخطاب – تحدث فيه عن بدايات شبكات الكمبيوتر والتحديات التي واجهته وكذلك مجتمع التكنولوجيا. يتذكر ميتكالف كيف أن ارتفاع تكلفة المكالمات الهاتفية في شبابه كانت تشكل عقبة في اطمئنان الأشخاص على أقاربهم، وقال إنه حين كان يسافر كان يُطمئِن والدته عند وصوله إلى وجهته بعد السفر بالاتصال وجعل الهاتف يرن ثلاث مرات فقط، ثم يقفل السماعة، وكانت هذه هي تقنية الاتصال غير المكلفة التي يطمئن بها والدته.

كما تطرق  إلى المشاكل التي واجهها في المراحل الأولى من عمله، حين أراد المخترعون بعد اختراع الكمبيوتر الشخصي ووضع جهاز على مكتب جعل أجهزة الكمبيوتر هذه “تتحدّث” مع بعضها البعض وتتبادل المعلومات بطريقة عملية. ومن هنا جاءت شبكة الإيثرنت التي مكّنت الأجهزة الموجودة في الموقع نفسه من التواصل مع بعضها البعض من خلال مجموعة من البروتوكولات والمعايير التي حدّدت كيفية وضع حزم البيانات على الشبكة ونقلها بين أجهزة الكمبيوتر، وكيف أن شبكة الإيثرنت كانت الأساس للاختراعات التالية وللشبكات الحديثة، وانعكس أثرها على كل المجالات بدءًا من التعليم والتكنولوجيا وحتى الرعاية الصحية، وانتهاء بظهور شبكة الإنترنت.

تنبؤات ميتكالف حول الإنترنت بين الماضي والحاضر.

كان هناك دومًا حديث علمي حول الشبكة والاتصال والانترنت والبروتوكولات على كل طاولة أو في أي تجمع يضم ميتكالف. ولأني أدرك كثيرا من التحديات التكنولوجية فيما يتعلق بشبكة الإنترنت، كوني مهندس كمبيوتر ومتخصّص في حوكمة الإنترنت، فقد سألته فيما إذا كانت معمارية شبكة الإنترنت وتصميمها قادرة على تلبية طلبات التكنولوجيات الناشئة كالذكاء الاصطناعي، وإنترنت الأشياء والواقع المعزز وجميعها تكنولوجيا لديها شراهة ونهم كبيرين للبيانات الضخمة التي تتطلب سرعة وآنية في الانتقال على الشبكة.

 فأجاب بالقول: “بالطبع، شبكة الإنترنت مرنة وقد تبين لنا هذا أثناء الجائحة، لقد كان مجرد إرسال صورة في بداية الشبكة إنجازًا، ولكن الآن يبدو وكأننا قد بنينا الإنترنت خصيصا للجائحة. لذلك أستطيع التنبؤ بأن شبكة الإنترنت قادرة على أكثر من ذلك” ثم صمت قليلًا وابتسم ابتسامة ساخرة مردفًا :”أقول هذا في حين أن لديَّ تجربة فاشلة في التنبؤ”. يشير ميتكالف هنا إلى مقال كتبه في عام ١٩٩٥ تنبأ فيه جازما حازما بانهيار “كارثي” للإنترنت خلال عام، بل إنه ذهب يومها أبعد من ذلك، ووعد أن يأكل كلامه إذا لم يحصل الانهيار، وهو ما حدث بالفعل بعد عامين، حيث قام بأكل نسخة مطبوعة من عموده المنشور خلال خطابه الرئيسي في المؤتمر الدولي السادس لشبكة الويب العالمية في عام ١٩٩٧.

يسرد ميتكالف هذه القصة الشهيرة ويقول “لقد تحسنت قدراتي في التوقعات مع الوقت نتيجة الخطأ الذي ارتكبته حين تنبأت في عام ٩٥ بأنه سيكون هناك انهيار كارثي للإنترنت في العام التالي. ولأني وعدت بأن آكل عمودي الذي كتبت فيه مقالي إن أخفقت توقعاتي فقد أوفيت بوعدي وتناولت مقالي في مؤتمر كبير بعدها بعامين وكان ذلك حدثًا صحفيًا ضخمًا، حيث فاقت شهرتي بسبب هذه الحادثة شهرتي في اختراع شبكة إيثرنت؛ لأنني أعتقد أن الناس يحبون فكرة أن تعترف بأنك كنت مخطئًا. كان أكلي لمقالي بمثابة براءة اختراع للتكفير عن خطئي. نعم، أعترف أني قللت من تقدير مرونة البنية التحتية للإنترنت، فقد كانت أدواتي حينها تشير إلى وجود مشكلة في حزم الوصول لبروتوكول الاتصالات TCP/IP، وعلى الرغم من الجهود الكبيرة التي بذلت لحل المشكلة إلا أنها لم تعمل بشكل جيد حقًا، وكان يتم فقد الكثير من البيانات أثناء الاتصال لذلك كنا نتجه نحو نوع من المشاكل التقنية. في الحقيقة، يمكنني الادعاء بأن توقعاتي قد جاءت بنتائج عكسية نافعة؛ لأني على ما يبدو قد أزعجت جميع الأشخاص المسؤولين عن مرونة شبكة الإنترنت علنًا ولذلك عملوا بجد أكبر وحافظوا على الشبكة من الانهيار.

كيف يرى ميتكالف مستقبل الشبكات “السلكية”.

كانت المؤسسات والمباني مُتخَمةً بالأسلاك قبل عقدين من الزمان وكانت كابلات الشبكة ممدودة في كل مكان، ولكن الوضع الآن يتغير وبدأ الاتصال اللاسلكي يتزايد في مقابل انزواء الشبكات السلكية. لهذا، أردت معرفة كيف يرى ميتكالف ما يمكن أن نسميه “انحسار” اختراعه، فسألته كيف يرى مستقبل شبكة الإيثرنت والشبكات “السلكية” عموما في ظل تطور تقنيات الاتصالات اللاسلكية والحوسبة السحابية؟ أجاب بدون تردّد: “أعتقد أنك لن تذهب إلى الاتصالات اللاسلكية إلا في حالتين، أحدهما هو أنه لا يمكنك تمديد الأسلاك لسبب ما، والآخر هو حاجتك لأن تكون متنقلا ومرن الحركة إذ من الصعب أن تتنقل وتتحرك بحرية وأنت مرتبط بالأسلاك. بدأ الإيثرنت كسلك يشبه الأسلاك التي تم توصيل الإنترنت بها، كان الاتصال اللاسلكي مكلفا جدًا قبل 20 إلى 30 عامًا، لذلك ذهبنا جميعًا إلى الأسلاك، ولكن مع تطور تكنولوجيا أشباه الموصّلات بدأ تنفيذ الشبكات اللاسلكية بشكل متزايد ، لكن عليك الانتباه إلى أن شبكة الإنترنت ليست شبكة بين نقطتين فقط، ولكنها شبكة توصل الكثير من النقاط والشبكات معا في شبكة واحدة، بعض هذه النقاط سلكية وبعضها لاسلكية وبعضها مزيج.  ما أود قوله هو إنني حين اخترعت شبكة إيثرنت منذ حوالي ٥٠ عامًا بدأناها بشبكة راديو لاسلكية، وكان من السهل علينا الاستمرار واعتماد تقنية الإشارات الراديوية اللاسلكية وحفظ كل تلك الكابلات من الإهدار لكن هذه الفكرة لم تكن مجدية كونها تحتاج إلى أجهزة مودم عملاقة حينها. لذلك، وبالعودة إلى سؤالك فإن شبكة الإيثرنت مستمرة لأنها في الحقيقة شبكة سلكية ولا سلكية لكن وجهة النظر هذه يبدو أنها تزعج مجموعة من الأشخاص الذين عملوا في تطوير تقنية الواي فاي  Wi-Fi في أواخر التسعينات واعتبروا أنها تصنيف مختلف عن شبكة الإيثرنت في حين أني أرى أن مصطلح الواي فاي ما هو إلا الاسم التسويقي لشبكة إيثرنت اللاسلكية ًWirless Ethernet.” 

الوصول للإنترنت لا يجب أن يكون حق من حقوق الإنسان.

حاليا يتصل المليارات حول العالم بالإنترنت، ولكن لا يزال هناك الكثير من الأشخاص في العالم لا يستطيعون الوصول إلى الإنترنت بسهولة لذلك برزت أصوات تنادي بأن الوصول للإنترنت يجب أن يكون حقا أساسيا من حقوق الإنسان وهي فكرة لا تروق لميتكالف؛ حيث يقول في هذا الصدد ” أنا لا أحب مصطلح حقوق الإنسان، هذا من شأنه أن يجعل هذه المحادثة أيديولوجية، دعونا لا نفعل ذلك” مضيفاً” ينتشر الإنترنت بسرعة فعلا، لقد وصلنا إلى خمسة مليارات مستخدم في غضون عقدين من الزمن، وبقي مليارين إلى ثلاثة مليار شخص وسيزيد انتشارها بين الناس؛ لأنهم يفعلون من خلالها الأشياء التي يريدونها، لذلك علينا التركيز على نشرها والعمل على أن  نجعلها أرخص وأسرع”. ويستطرد بالقول “يتطور الإنترنت بشكل سريع عاما بعد عام، قد لا يكون هذا حقًا من حقوق الإنسان ولكن البنية التحتية هي الكلمة التي أفضّلها”.

الصراع الجيوسياسي على الإنترنت.

الكاتب مع ميتكالف
الكاتب مع ميتكالف

تشهد ساحة الإنترنت صراعا شرسا بين القوى الكبرى وعلى رأسها الصين والولايات المتحدة ويمتد هذا الصراع على جميع الأصعدة السياسية والاقتصادية والاستخباراتية مما يهدد وحدة واستقرار الإنترنت. وبينما يرى البعض أن التنافس على الصعيد التكنولوجي بين البلدين سيصب بنهاية المطاف في صالح الابتكار و تطوير الإنترنت في مجالات متعددة كالذكاء الاصطناعي وشبكات الجيل الخامس والسادس وغيرها، يرى آخرون – ومنهم ميتكالف – أن هذا التنافس ليس إيجابيا. 

يقول ميتكالف “المنافسة بشكل عام جيدة، لكن نوع المنافسة الحاصلة بين الولايات المتحدة والصين ليست من النوع الصحي” كما أشار أن الصين ضليعة في سرقة التكنولوجيا الأمريكية. بقوله: ” قبل عدة سنوات كتبت زوجتي كتابًا نشرته مايكروسوفت بعنوان “New Wizards War” يدور حول سرقة التكنولوجيا الأمريكية بواسطة الاتحاد السوفييتي، وإذا أخذنا كتابها اليوم واستبدلنا الصين في كل سطر ذكر فيه الاتحاد السوفيتي سنجد نفس الأشياء تتكرر”. بحسب ميتكالف، فقد حاولت شركة هواوي الصينية الاندماج مع شركته السابقة “ثري كوم” لكن الحكومة الأمريكية لم تسمح بهذه الصفقة، وقال “عندما سمعت السبب وراء هذا المنع شعرت بالانزعاج والرعب مما يحدث في الصين”.

 شرع بعدها ميتكالف يسهب في الحديث عن تهديد الصين لتايوان والأسلحة النووية للصين وغيرها من القضايا الخلافية وبدا وكأنه يتبنى الرواية السياسية للإدارة الأمريكية كما بدا وكأننا سنحيد قليلا عن البعد التكنولوجي لمحور حديثنا، فسألته بشكل أكثر دقة “هل تثق في التكنولوجيا الصينية؟ وهل ترى مشكلة في تواجدها في السوق الأمريكية” أطرق ميتكالف في التفكير مليا، ثم أجاب “على المدى الطويل، نعم ، ولكن في الوقت الحالي هناك مشكلة خطيرة تتعلق بالتجسس، لذا لدينا بعض المطالب التي يجب التفاوض عليها مع الصين لجعلها تتصرف بشكل جيد حتى نتمكن من استئناف هذا النوع الصحي من المنافسة.” 

ابتسم ميتكالف وقال “يالها من أسئلة صعبة تلك التي تطرحها!”. كنت أدرك منذ البداية أن سؤالا كهذا قد يكون مزعجا لاسيما وأنه مرتبط بأبعاد سياسية واقتصادية وليس مجرد مشكلة تقنية، لكني حرصت على طرحه، ليس كصحفي فقط، ولكن لكوني أيضا مختصًّا في قضايا حوكمة الإنترنت، حيث يعد الصراع الجيوسياسي على موارد وإدارة الإنترنت أحد أكبر التحديات التي تواجهها الشبكة والتي قد تؤدي في نهاية المطاف إلى تجزئة وتقسيم الإنترنت بحسب العديد من الاستقراءات المستقبلية، لهذا السبب كان لدي فضول لسماع رأي العلماء والرواد الذين ساهموا في ابتكار واختراع وتطوير الانترنت حول هذه القضايا.

الإشراف على تقنيات الذكاء الاصطناعي.

في إحدى النقاشات، طرح البعض فكرة مثيرة للجدل عن إنشاء وكالة عالمية تابعة للأمم يكون من شأنها إدارة تكنولوجيا “الذكاء الاصطناعي”، وبينما ذهب البعض إلى أنه من الجميل رؤية هذا النوع من التعاون الدولي كان رأي ميتكالف مخالفا، فهو لا يستسيغ فكرة وجود هيئة دولية أو منظمة تابعة للأمم المتحدة تعنى بوضع المحددات والمعايير المتعلقة بالذكاء الاصطناعي والتكنولوجيات الناشئة فذلك – من وجهة نظره – سيحد من الابتكار ويضع المزيد من العراقيل البيروقراطية أمام التطوير. حيث قال “لا أؤيد هذه الفكرة، هذا مرعب. أنا لست من النوع الذي ينجذب إلى وكالات الأمم المتحدة، نحن من نضع القواعد حول علوم الكمبيوتر، فهم لا يعرفون شيئًا عن علوم الكمبيوتر بالإضافة إلى انغماسهم في السلوك البيروقراطي. ليس الأمر هنا أني أقول إنه لا ينبغي تناول هذه القضايا في الأمم المتحدة، فقط أعتقد أن قيام الأمم المتحدة بعمل عالمي للإشراف فكرة غير جيدة”.

كما علق ميتكالف على ما أسماه “الهوس” بمقاضاة شركات التكنولوجيا الكبرى قائلا “أنا لست خبيرًا في هذا الأمر ولكن حدسي هو أن هذا الجنون الذي نعيشه حاليًا في مقاضاة الشركات الكبرى مثل Google وغيرها سيختفي ويتلاشى، وسنعود إلى التركيز على الابتكار في الإنترنت بدلاً من مراقبة الإنترنت كما هو الحال الآن.” وأشار إلى أمثلة سابقة مشابهة في تاريخ الإنترنت؛ حيث قال “كان هناك هوس في البداية بأنه لا ينبغي لنا أن نسمح بالإعلانات التجارية على الإنترنت، لكن ذلك انتهى الآن ولم يعد لدينا على الإنترنت سوى الإعلانات. كذلك الحال مع مشروع قانون آداب الاتصالات لعام ١٩٩٦ والذي كاد أن يتسبب في إغلاق الإنترنت بسبب المواد الإباحية، ولكن هذا أيضا تم تقويضه.”

التعليم وأخلاقيات التكنولوجيا.

في ضوء قلق الجمهور بشأن مخاطر التقنيات الناشئة تعالت بعض الأصوات التي تنادي بفكرة إدخال منهج عن أخلاقيات التكنولوجيا في برامج التعليم العالي إلى جانب تدريس المواد التكنولوجية لمساعدة علماء الكمبيوتر الناشئين وإلهام رواد الأعمال والحوسبة لتطوير التقنيات بشكل سليم، غير أن ميتكالف يختلف مع هذه الفكرة شأنه شأن علماء آخرين مثل فينتون سيرف – والذي سبق وأن تناولناه في مادة سابقة – حيث يرى ميتكالف أن هذا ليس ضروريا ويقول “لا، لا توجد فرصة لحدوث شيء كهذا، منذ بداية عصر الكمبيوتر وفي كل مرة تذهب فيها إلى مؤتمر يكون هناك حلقات نقاش حول الأخلاقيات، لم أذهب مطلقًا إلى أيٍّ من هذه الجلسات الفضفاضة لأنه لا تتم معالجة الأمور بهذه الطريقة.” وأضاف “سيتعلم المستخدمون والمطورون في شبكة الإنترنت كيفية التعامل مع القضايا والأمراض الحالية مثل الاستقطاب، والأخبار المزيفة وغيرها كما تعامل في السابق مع قضايا أخلاقية مثل المحتوى الإباحي أو البريد العشوائي على الإنترنت والتي كانت تشكل قضية أخلاقية كبيرة على الشبكة في وقت ما. ورغم أنها لاتزال موجودة، لكننا لم نعد نتحدث عنها كما كان في السابق.”

يرى ميتكالف أن مبادئ الأخلاق شأنها شأن مهارات الكتابة أو الكمبيوتر، لا تحتاج لأن تكون مواد دراسية مستقلة بحد ذاتها بل الأفضل أن يتم “إذابتها في الماء” حد تعبيره، ويقصد هنا أن يتم دمج هذه المهارات والمفاهيم بطريقة ما في كل المواد التخصصية وهو بالفعل ما بدأت تنفذه بعض الجامعات وعلى رأسها معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا. 

كما يتفق روبيرت ميتكالف مع نظيريه العالمين فينتون سيرف وراج إيدي في أن مستقبل التعليم سيتغير. لن يدوم التعليم الجامعي بتركيبته وهيكله الحالي طويلا في نظر ميتكالف أيضا، حيث يقول “يتغير التعليم العالي ضد إرادة الجامعات، أحد الأشياء التي تحدث هو أن قوة الجذب في البحث عن التعليم تتحول من الجامعات إلى الأساتذة، وأردف “لا نستطيع الجزم على وجه الدقة كيف سيكون شكل وحجم التعليم مستقبلا في ظل تطور الإنترنت، لكن لن تكون هناك قاعات محاضرات و درجات  علمية من الجامعات بعد الآن، أعتقد أن هذا الأمر يتلاشى.”

في ذات الوقت ينوه ميتكالف إلى أن التدريس عبر شبكات الفيديو ليست فكرة جديدة، مضيفا” كان هناك تعليم عبر الفيديو منذ أكثر من خمسين عاما، وأنا كنت أستاذًا في جامعة تكساس وأستخدم شبكات الفيديو منذ ذلك الحين في السبعينيات، قمت بتدريس الفيديو في جامعة ستانفورد من خلال شبكة فيديو في السبعينيات، و كدنا نفعل ذلك لفترة طويلة لكن الفكرة لم ترق لأعضاء هيئة التدريس في الجامعة الذين أعربوا إلى حد كبير عن رغبتهم في عدم استخدام الفيديو للتدريس لأنهم يريدون أن يكونوا قادرين على احتضان طلابهم”. 

المراحل المهنية المختلفة في حياة ميتكالف.

صرح ميتكالف أنه لا يحبذ الاستمرار في مسار مهني واحد وأن لديه ميول مستمر لتغيير مهنته كل فترة من الزمن، يقول “لدي نموذجي الخاص بي الذي أقوم فيه بتغيير مهنتي كل 10 سنوات. لقد كنت أدير عملاً تجاريًا بارزًا لمدة 13 عامًا، بعد ذلك كنت أستاذاً في جامعة تكساس لمدة 12 عامًا. لذا حين تسألني أيهما وجدت نفسي فيه أكثر أقول لك إن الإجابة على هذا السؤال صعبة؛ لأن التنوع هو نكهة الحياة، فهو يجعلك تتعلم دائما”. يضيف ميتكالف “بدأت مؤخرا مسيرتي المهنية السادسة وهذا المسار جعلني أبدأ في منحنى تعليمي جديد، لكن الأمور لا تسير على ما يرام حتى الآن – يقولها مبتسما – حيث اخترت أن أكون مهندسًا حسابيًا وأقوم بسلسلة من المشاركات والمحاكاة لتطوير نموذج لتحسين آبار الطاقة الحرارية الأرضية وعندما بدأت في البرمجة تبين لي أني أحتاج لفهم الديناميكا الحرارية، ولكني لم أدرس أي ديناميكا حرارية عندما كنت طالبًا لذلك اضطررت للبدء في تعلم الديناميكا الحرارية وعند البدء في هذا علمت أن هذا المنحنى سيأخذني بعد ذلك إلى معادلات تفاضلية و بعض المجالات الضخمة الأخرى التي ليس لدي أي معرفة بها، وهكذا سأتابع التعلم وأعود لتطوير نموذجي أكثر”.

شاهد أيضاً

robot-blood-cells-robotics-microbiotics_0

ابتكار روبوتات متناهية الصغر لإيصال الأدوية في الجسم

طور فريق من العلماء في جامعة نانيانغ التكنولوجية في سنغافورة روبوتات لينة بحجم حبة الحبوب، …