نجح مهندسون من كلية الهندسة والعلوم التطبيقية في جامعة بنسلفانيا في تطوير تقنية مبتكرة تعتمد على استخدام المستشعرات الكمية لتحقيق مستوى جديد من الدقة في تحليل المادة. تمكّن الفريق من تسجيل الإشارات النووية من ذرات فردية باستخدام تقنية تُعرف باسم “الرنين النووي الرباعي القطب” (NQR)، وهي قفزة نوعية في مجال دراسة الجزيئات والذرات.
تعتمد التقنية الجديدة، التي نُشرت تفاصيلها في مجلة Nano Letters، على استخدام مراكز النيتروجين-الفراغية في الألماس (NV)، والتي تُعد أدوات دقيقة للاستشعار الكمي. يقول الدكتور لي باسيت، أستاذ الهندسة الكهربائية والنظم ومدير مختبر الهندسة الكمية في جامعة بنسلفانيا: “هذه التقنية تتيح لنا الكشف عن الفروق الدقيقة بين الجزيئات التي كنا نعتقد سابقاً أنها متطابقة. نحن الآن قادرون على دراسة اللبنات الأساسية للطبيعة بمقياس جديد تماماً”.
من ملاحظة غير متوقعة إلى اكتشاف علمي
بدأ الاكتشاف من ملاحظة غير متوقعة خلال تجارب روتينية أجراها الدكتور أليكس بريتوايزر، الحاصل حديثاً على درجة الدكتوراه في الفيزياء من جامعة بنسلفانيا ويعمل حالياً كباحث في شركة IBM. لاحظ بريتوايزر أنماطاً غير اعتيادية في البيانات أثناء العمل على مراكز NV. بعد العودة إلى مصادر علمية من خمسينيات وستينيات القرن الماضي، اكتشف الفريق أن تلك الإشارات ناتجة عن آلية فيزيائية تم تجاهلها سابقاً لافتقار الأدوات آنذاك إلى الحساسية الكافية لاكتشافها.
تعاون دولي ونتائج غير مسبوقة
لتحقيق هذا الإنجاز، تعاون فريق جامعة بنسلفانيا مع باحثين من جامعة دلفت للتكنولوجيا في هولندا. الجمع بين الفيزياء التجريبية والنماذج النظرية ساعدهم على تطوير أسلوب جديد لالتقاط الإشارات الذرية بدقة غير مسبوقة.
يشرح الدكتور ماتيو أوليت، أحد الباحثين الرئيسيين في الدراسة: “يمكن مقارنة هذه التقنية بعزل صف واحد في جدول بيانات ضخم؛ بدلاً من الحصول على المتوسط العام، نحن الآن قادرون على كشف جميع البيانات وراء المتوسط وتحديد الخصائص الفريدة لكل ذرة”.
آفاق مستقبلية واعدة
يتطلع الباحثون إلى استخدام هذه التقنية لحل تحديات علمية معقدة، خاصة في مجال تطوير الأدوية ودراسة البروتينات، حيث يمكن لهذه الفروق الصغيرة في البنية أن تحدد الفرق بين الصحة والمرض. هذه التطورات تمثل خطوة كبيرة نحو فهم أعمق للعمليات الجزيئية التي تشكل عالمنا الطبيعي.