كشفت دراسة أجرتها جامعة سيدني أن كبار السن فوق سن 65 يتلقون وصفات طبية لمضادات الاكتئاب لعلاج الألم بناءً على مبادئ توجيهية دولية تستند إلى أدلة محدودة. وأوضحت الدراسة أنه على مدار الأربعين عامًا الماضية، أُجريت 15 تجربة فقط على مستوى العالم لبحث فاعلية مضادات الاكتئاب في تخفيف الألم لدى كبار السن.
تُعتبر هذه الدراسة إضافة هامة في مجال البحث، حيث قامت بتجميع وتحليل هذه التجارب لدراسة مدى فعالية وسلامة مضادات الاكتئاب في علاج الألم الحاد والمزمن غير المرتبط بالسرطان لدى كبار السن.
وأظهرت الدراسة نقص الأدلة التي تدعم استخدام مضادات الاكتئاب لمعظم حالات الألم لدى كبار السن، مما دفع الباحثين إلى الدعوة لإعادة النظر في ممارسات الوصف العلاجي، مع مراعاة الاحتياجات والمخاطر الخاصة بهذه الفئة العمرية.
قالت الدكتورة سوجيتا ناريان، الباحثة الرئيسية وزميلة الأبحاث في معهد الصحة العضلية الهيكلية بجامعة سيدني، إن المبادئ التوجيهية الدولية التي توصي باستخدام مضادات الاكتئاب لعلاج الألم المزمن تستند بشكل كبير إلى دراسات تستبعد في الغالب كبار السن أو تضم عدداً قليلاً منهم.
وأشارت ناريان إلى أن “الأطباء يعتمدون على هذه المبادئ التوجيهية عند معالجة كبار السن الذين يعانون من حالات تسبب الألم المزمن، مثل التهاب المفاصل العظمي”.
ومن جانبها، شددت الأستاذة المساعدة كريستينا عبد الشهيد من كلية الصحة العامة بالجامعة على أن التجارب السريرية لم تبحث في استخدام مضادات الاكتئاب لعلاج الألم الحاد، مثل الألم الناجم عن الحزام الناري أو الألم العضلي.
وأضافت: “على الرغم من عدم كفاية الأدلة التي تدعم استخدام هذه الأدوية، إلا أنها توصف لتخفيف الألم. ولكن من المعروف جيداً أن مضادات الاكتئاب قد تسبب أضرارًا لكبار السن”.
وأشارت الدراسة إلى أن المرضى الذين يتناولون مضادات الاكتئاب عانوا من آثار جانبية مثل السقوط والدوار والإصابات الجسدية، مقارنة بمجموعات التحكم التي تناولت علاجات أخرى.
كما وجدت الدراسة أن المرضى في مجموعة مضادات الاكتئاب كانوا أكثر عرضة لوقف تناول أدويتهم بسبب هذه الآثار الجانبية.
وتابعت ناريان: “التوقف عن تناول مضادات الاكتئاب يمكن أن يكون صعبًا مثل التوقف عن تناول الأفيونات. لذلك، أوصي المرضى الذين يفكرون في وقف تناول أدويتهم بالتشاور مع أطبائهم لوضع خطة تدرجية”.
ومع ذلك، أشارت الدراسة إلى استثناء واحد وهو دواء دولوكسيتين (SNRI)، الذي أظهر فعالية في تخفيف الألم المرتبط بالتهاب المفاصل العظمي في الركبة لدى كبار السن على المدى المتوسط، ولكن ليس على المدى القصير أو الطويل.
وأوضحت ناريان: “بالنسبة للمرضى والأطباء الذين يفكرون في استخدام دولوكسيتين لعلاج التهاب مفاصل الركبة، يمكن ملاحظة بعض الفوائد مع مرور الوقت، لكن يجب أن تكون الفوائد متواضعة وتوازن بين المخاطر المحتملة”.
وأكدت الدراسة أن الأدلة الحالية بشأن فعالية وسلامة مضادات الاكتئاب لدى كبار السن تأتي في الغالب من تجارب صغيرة الحجم، مما يبرز الحاجة إلى تحديث المبادئ التوجيهية وإعادة النظر في الممارسات السريرية.
ودعت الدراسة إلى اتباع نهج شامل يعتمد على استراتيجيات غير دوائية مثل ممارسة الرياضة والعلاج السلوكي المعرفي، استنادًا إلى تجارب أجريت خصيصًا على كبار السن.
واختتمت ناريان قائلة: “لا ينبغي الاعتماد على نتائج الدراسات التي أجريت على الشباب وتطبيقها على كبار السن، نظرًا لاختلاف استجابة أجسام كبار السن للأدوية، مما قد يؤدي إلى آثار مختلفة”.