الرئيسية / البيئة والمناخ / السدود الرملية… لإحياء الأرض الميتة‎!‎
حاجز الرئاسة المائي - صنعاء

السدود الرملية… لإحياء الأرض الميتة‎!‎

قد تتغير خلال الفترة المقبلة قواعد اللعبة فيما يتعلق بحاجات المياه في منطقة شرق أفريقيا القاحلة، وذلك بعد اكتشاف بحيرة ‏جوفية بحجم ولاية دالاوير الأميركية تحت صحراء كينيا هذا الشهر‎.‎

وقال بعض العلماء والخبراء المتخصصين من منظمة الأمم المتحدة، إن هذا المخزون المكتشف حديثاً من مليارات الجالونات من ‏المياه العذبة، إذا ما تم ترشيد استخدامه، قد يساهم على نحو جيد وفعال في إحياء موات الصحراء في شرق أفريقيا إلى أجل غير ‏مسمى‎.‎

 

لكن على المدى المتوسط، وفي الوقت الذي تعاني فيه التجمعات السكانية الكينية من نقص المياه، فقد بدأ كثير من الناس في ‏اللجوء إلى إقامة ما يسمى «السدود الرملية»، وذلك بهدف احتجاز وتخزين السائل الطبيعي الثمين لاستخدامه خلال فترات ‏الجفاف وأوقات عدم تهاطل المطر‎.‎

وقد أقيم بالفعل ما يزيد على ألف سد رملي في شرق أفريقيا خلال العقد الماضي، وهي طريقة بسيطة للغاية وقليلة الكلفة وذات ‏كفاءة جيدة لتخزين ملايين الجالونات من المياه عبر احتجازها في أكوام من الرمل مع إمكانية الحصول عليها عندما تجف ‏الأنهار‎.‎

ويحتاج الكينيون في مقاطعات كيتوي وماتشاكوس وماكوني إلى المياه لري المحاصيل الزراعية، ناهيك عن الشرب. لكن ‏أنهارهم الرئيسية لا تفيض إلا موسمياً. أما الآن فقد أصبح الفلاحون المحليون يزرعون المحاصيل ويحصدونها على مدار العام ‏في عدد من القرى‎.‎

وربما تعود تقنية السدود الرملية إلى العصر الروماني، لكنها وصلت حد الإتقان في القرن الحادي والعشرين من خلال التعاون ‏المثمر بين مجموعة من المواهب في جمعية أهلية بريطانية تدعى اكسلانت ديفلوبمنت (التنمية الممتازة) ومزارع كيني يدعى ‏جوشوا موكوسيا وأفراد من أتباع طائفة مينو سايمونز المسيحية في أميركا الشمالية‎.‎

ويتم بناء السدود الرملية بإقامة حاجز، وأحياناً حاجزين طويلين من الخرسانة في مجرى النهر، ويوضع أنبوب بلاستيكي به ‏ثقوب تحت الحواجز. وعندما ينزل المطر تحمل المياه الرمل في مجرى النهر ليختزنه فوق وحول مستوى الحواجز‎.‎

وفي نهاية الموسم المطير تبقى المياه محتجزة في الرمل المتكوم أحياناً لمسافة طويلة في مجرى النهر. ومع مرور الوقت تتسرب ‏المياه إلى الأنبوب الذي به ثقوب (في عملية تساعد أيضاً على تنقية المياه)، ثم يتم تجميع المياه باستخدام مضخة يدوية أو في ‏بركة أو في بعض الأحيان في حفرة بسيطة تحفر عند قاعدة السد فيما يصبح بركة مياه مخزنة يمكن أن تروي عطش 1200 ‏شخص في العام‎.‎

سد ترابي
حواجز ترابية

وفي أول مؤتمر دولي بشأن السدود الرملية في ماتشاكوس، وهي بلدة قريبة من نيروبي، أشار خبراء إلى أن سد الرمل المتوسط ‏يستطيع أن يختزن ملايين الجالونات من المياه لسنوات ويوفر المياه للري حتى عندما لا يسقط المطر‎.‎

وقال كيفين كيمويا كبير المديرين التنفيذيين في منظمة يوتني للتنمية، وهي جمعية أهلية للسدود الرملية أسسها جوشوا موكوسيا: ‏‏«حولنا حرفياً أراضي قاحلة وشبه قاحلة إلى بعض من أكثر الحقول إنتاجاً. ومازلنا نقدم المياه إلى مجتمعنا من خلال إقامة سدود ‏رملية… وهذا يمثل أساساً لحل مشكلة الأمن الغذائي والمائي محلياً ودولياً، الآن وفي المستقبل‎».‎

وتنتشر هذه التقنية على امتداد العالم، من البرازيل إلى تايلاند. لكن مجموعة يوتني في كينيا جعلت الفكرة في السنوات القليلة ‏الماضية تحظى بإقبال كبير في أثيوبيا وغانا وموزمبيق وبوركينافاسو وأرض الصومال وزيمبابوي. وتقول جمعية اكسلانت ‏ديفلومنت إن نحو 120 سداً من ذلك النوع تم بناؤها في كينيا في السنوات القليلة الماضية‎.‎

ودعمت اللجنة المركزية لأتباع طائفة مينو سايمونز شقيقاتها من الجمعيات الأهلية في تنظيم التجمعات السكنية لبناء سدود ‏الرمال. ويقول رون راتزلاف، ممثل مجلس الطائفة، إن أتباع الطائفة يساعدون في بناء سدود الرمل كجزء من عقيدة سلمية ‏تسعى لـ«إزالة الأخطار التي تؤدي إلى الحرب والصراع، والمياه واحدة منها‎».‎

وأتباع الطائفة يعملون مع بنك الطعام الكندي الذي يشن حملة للتصدي للجوع حول العالم، وأيضاً مع البنك الإميركي للموارد ‏الغذائية الذي يمول جهود المزارعين المحليين في مكافحة الجوع‎.‎

وقال راتزلاف: «الأمر لا يتعلق بسدود الرمل فحسب بل بما هو أكبر من ذلك. إنه يتعلق بالأشجار وزراعة منحدرات التلال ‏والمحاصيل المقاومة للجفاف والمحافظة على الزراعة… إنه يتعلق بطائفة من الأمور التي تضاف إلى السلسلة القيمة المرتبطة ‏بالمياه‎».‎

ويقول جيسي موجامبي المتخصص في علوم البيئة في جامعة نيروبي، إن بناء سدود الرمل من أكثر الوسائل الناجحة في إحياء ‏الأراضي شبه القاحلة في أي مكان تجري فيه مياه المطر على الأرض محملة بالرمال‎.‎

وقال موجامبي في المؤتمر الدولي إن بناء السدود مصحوباً بزراعة منحدرات التلال وإعادة التشجير، يحافظ على الأراضي ‏المجدبة في أقل من جيل. ثم أضاف: «الرمل يستطيع أن يحمل المياه ويخزنها وينقيها ويبردها ويحافظ عليها ويمنعها من ‏التبخر‎».‎

فريدريك نزويلي

كاتب متخصص بالشؤون العلمية

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور‎»‎

شاهد أيضاً

53373094409_b37bb45917_c

مخرجات قمة المناخ ودور منظمات المجتمع المدني اليمنية والعربية في COP28

  أثمر مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة بشأن تغير المناخ بدورته الثامنة والعشرين (COP28)، والذي …