الرئيسية / العلوم و التكنواوجيا / استكشاف دور الذكاء الاصطناعي في التعليم، رؤى من منتدى هايدلبرغ
54020136421_e2cc6dc9e3_o

استكشاف دور الذكاء الاصطناعي في التعليم، رؤى من منتدى هايدلبرغ

هايدلبرع – يمن ساينس

خاص – عبدالرحمن أبوطالب

٢٤ سبتمبر ٢٠٢٤

 

في مناقشة مثيرة بعنوان “مفارقة الذكاء الاصطناعي: أذكى من أستاذ كبير ولكن أكثر جهلاً من طفل صغير”، اجتمع خبراء من مجالات متعددة خلال منتدى هايدلبرغ الحادي عشر لاستعراض الاختلافات بين الذكاء البشري والذكاء الآلي، مع التركيز على الذكاء الاصطناعي (AI) وتأثيره على التعليم. أدار الجلسة بيني مس، وشارك فيها كل من الدكتورة سيليست كيد (أخصائية نفسية)، والأستاذ بوان لوو (عالم رياضيات)، والبروفيسورة بريغيتا (أخصائية علم النفس العصبي)، والدكتور إريك شولز (باحث في الذكاء الاصطناعي)، مما أضفى تنوعًا علميًا ثريًا حول كيفية تفاعل الذكاء الاصطناعي مع التعلم البشري.

الذكاء البشري مقابل الذكاء الاصطناعي

أحد المحاور الرئيسية التي ظهرت كان التمييز بين الذكاء البشري والذكاء الاصطناعي. سلطت الدكتورة سيليست كيد الضوء على امتلاك البشر لخصائص مثل التعاطف والفضول والقدرة على قراءة الإشارات الاجتماعية والعاطفية، وهي مهارات أساسية لفهم العالم والتفاعل مع الآخرين. وذكرت الدكتورة كيد: “البشر لديهم قدرة فريدة على التعرف على شكوكهم، وهذا ما يحفز التعلم من خلال الفضول، وهو شيء لا تستطيع نماذج الذكاء الاصطناعي الحالية تقليده”.

وأكد المتحدثون أن أنظمة الذكاء الاصطناعي رائعة في معالجة وتحليل كميات هائلة من البيانات، لكنها تفتقر إلى العمق العاطفي والمعرفي الذي يتمتع به البشر في أداء مهام مثل فهم السياق في المحادثات أو تفسير النوايا الدقيقة. وهذا الفارق يظل حاجزًا كبيرًا أمام تطبيق الذكاء الاصطناعي في مجالات تعتمد بشكل كبير على التواصل الإنساني مثل التعليم.

قيود الذكاء الاصطناعي

بالرغم من التقدم السريع في تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، إلا أن القيود التي تواجهها كانت محورًا أساسيًا للنقاش. كافحت أنظمة الذكاء الاصطناعي في تنفيذ مهام أساسية مثل الحسابات الرياضية أو فهم تعقيدات المحادثات البشرية، مما يعد مؤشرًا واضحًا على نقاط ضعف هذه التكنولوجيا. ورغم تفوق الذكاء الاصطناعي في البيئات التي تعتمد على البيانات، فإن قدرته على تفسير المواقف الواقعية والتكيف معها ما زالت محدودة بشكل كبير. ولفت الأستاذ بوان لوو الانتباه إلى أن عجز الذكاء الاصطناعي عن تطبيق السياق عند اتخاذ القرارات يمثل واحدة من أوضح الفجوات بين التعلم الآلي والإدراك البشري.

الذكاء الاصطناعي في التعليم

من أهم النقاط التي تم تناولها خلال الجلسة كانت دور الذكاء الاصطناعي في التعليم، خاصة في تطبيقاته الممكنة في التدريس. أعرب المتحدثون عن قلقهم بشأن استخدام الذكاء الاصطناعي في البيئات التعليمية الحساسة، حيث تعتبر الحساسية العاطفية والتكيف مع احتياجات التعلم الفردية أمرًا بالغ الأهمية. وقال الدكتور إريك شولز: “الذكاء الاصطناعي يفتقر إلى القدرة على التعرف على الإشارات العاطفية والرد عليها”، محذرًا من الاعتماد المفرط على الذكاء الاصطناعي في الفصول الدراسية.

ورغم اتفاق المتحدثين على أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يقدم أدوات قيمة لمساعدة المعلمين، خاصة في مهام حل المشكلات، إلا أنهم شددوا على أن هذه الأنظمة يجب أن تعزز القدرات البشرية بدلاً من السعي لاستبدال المعلمين. وكانت مخاطر الأتمتة المفرطة واضحة بشكل خاص عندما تم التطرق إلى كيفية مواجهة الذكاء الاصطناعي للاحتياجات الفريدة للطلاب، وهو المجال الذي يتميز فيه المعلمون البشريون.

قوة الفضول في التعلم

تم التأكيد على أن الفضول هو المحرك الرئيسي للتعلم البشري. وعلى عكس الذكاء الاصطناعي الذي يتعلم من خلال تحليل مجموعات كبيرة من البيانات، يعتمد البشر على تجارب غنية متعددة الوسائط للحصول على المعرفة، وهو أمر لا تستطيع الآلات تكراره. هذا الاختلاف محوري في فهم سبب عدم قدرة الذكاء الاصطناعي، على الرغم من قوته الحسابية، على محاكاة عمليات التعلم المرنة والتكيفية القائمة على التجربة التي تعد أساسية لتطور الإنسان.

التحيز في الذكاء الاصطناعي

أثار النقاش أيضًا قضية التحيز في أنظمة الذكاء الاصطناعي، خاصة في السياقات التعليمية. إن قدرة الذكاء الاصطناعي على تعزيز التحيزات الموجودة في بيانات التدريب كانت مصدر قلق كبير. وأشار المتحدثون إلى أن التحيز في الذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون له تأثيرات عميقة على كيفية تدريس الطلاب وتقييمهم، خصوصًا في الحالات التي يتم فيها استخدام الذكاء الاصطناعي لتتبع الأداء أو التوصية بمسارات تعليمية. وحذرت البروفيسورة بريغيتا من أن غياب الرقابة الأخلاقية الدقيقة يمكن أن يؤدي إلى توسيع الفجوات التعليمية.

مستقبل الذكاء الاصطناعي والتعليم

اختتم المتحدثون الجلسة بملاحظة تحذيرية حول مستقبل الذكاء الاصطناعي في التعليم. وبينما أقروا بأن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يلعب دورًا حاسمًا في تشكيل بيئات التعلم المستقبلية، إلا أنهم شددوا على أهمية اتباع نهج متوازن، حيث يُنظر إلى الذكاء الاصطناعي كأداة داعمة وليس بديلاً للمعلمين البشريين. وقال الأستاذ لوو: “يجب علينا تجنب إغراء استبدال المعلمين بالذكاء الاصطناعي، لأن التعليم هو أكثر من مجرد نقل المعلومات؛ إنه يتعلق بتغذية الفضول، وتعزيز النمو العاطفي، وفهم الاحتياجات الفردية”.

التعامل مع دور الذكاء الاصطناعي في التعلم

أظهرت المناقشة خلال منتدى هايدلبرغ الحادي عشر تعقيدات دمج الذكاء الاصطناعي في الأنظمة التعليمية. ورغم أن الذكاء الاصطناعي يحمل وعدًا بتحويل بيئات التعلم، إلا أن حدوده والمخاطر المحتملة التي يمثلها تؤكد الحاجة إلى دراسة أخلاقية دقيقة. يبقى الذكاء البشري، بخصائصه التعاطفية والفضولية والتكيفية، في قلب التعليم الفعال. وكما أكد المتحدثون، يجب أن يهدف دور الذكاء الاصطناعي إلى تعزيز هذه الصفات البشرية وليس استبدالها. ومع استمرار تطور الذكاء الاصطناعي، سيظل الحوار حول مكانه في التعليم ضروريًا. قد يتضمن مستقبل التعلم الذكاء الاصطناعي، لكن التوافق كان واضحًا من هذه الجلسة: الآلات لا يمكنها، ولا ينبغي لها، أن تحل محل اللمسة الإنسانية التي لا غنى عنها في التعليم.

شاهد أيضاً

Whitfield Diffie @ HLF

ويتفيلد ديفي، الرجل الذي أحدث ثورة في عالم التشفير (مقابلة خاصة) 

هايدلبرغ، المانيا خاص – يمن ساينس Read it in English يعد ويتفيلد ديفي، عالم التشفير …