الرئيسية / البيئة والمناخ / التغيرات المناخية تهدد شجرة  أرز لبنان بالانقراض  ‏
التغيرات المناخية تهدد شجرة  أرز لبنان بالانقراض  ‏
التغيرات المناخية تهدد شجرة أرز لبنان بالانقراض ‏

التغيرات المناخية تهدد شجرة  أرز لبنان بالانقراض  ‏

عـــمر الحياني- بيروت ‏

بعد أن كانت شجرة الأرز اللبنانية تغطي معظم جبال لبنان ,بات ناقوس  خطر التغيرات المناخية يهدد رمز لبنان ‏القومي  بالانقراض ,تاركة وراءها جبال جرداء يتنازعها قيض الصيف وزمهرير الشتاء . ‏

‎ ‎على امتداد جبال لبنان تنتشر ما تبقى من أشجار الأرز مشكلة لوحة جمالية على سفوح الجبال والهضاب المرتفعة ‏‎ ‎‏,‏‎ ‎وتعد محمية أرز الشوف الطبيعية اكبر محمية طبيعية في لبنان ، وتمثل نظاما بيئيا وجبليا على قمم الجزء الأوسط ‏من سلسلة جبال لبنان .‏

وينمو الأرز اللبناني في المحمية تلقائيا بالإضافة إلي عدد من الأشجار والشجيرات والأعشاب المتنوعة التي تنمو ‏بجوار شجرة الارز .‏

وتعد المحمية من الملاجئ الأخيرة للثدييات الكبرى ولإعداد كبيرة من الطيور المستوطنة منها والعابرة , وتتميز ‏غابة أرز الشوف باحتوائها على أشجار أرز معمرة و تعتبر أقدم أشجار الأرز في العالم حيث يبلغ متوسط عمر ‏أحداها 3000عام ويصل  قطر أحداها 16متر.‏

وقد أعلنت محمية أرز الشوف  عام  1996م كمحمية طبيعية وكمدى حيوي من قبل منظمة اليونسكو 29/6/ 2005م ‏وتبلغ مساحتها 162 كم مربع على ارتفاع يصل  2000 م فوق مستوى سطح البحر ويوجد في  لبنان حوالي  ثلاثة ‏مليون أرزه  تتوزع على عدد من الغابات والمناطق اشهرها عين زحلتا ـ بمهريه والباروك ومعاصر الشوف وقلعة ‏نيحا. ‏

الأرز تغيرات الثلج والبشر

و ترزح شجرة الأرز اللبنانية تحت تهديد التغيرات المناخية التي باتت تقلق الباحثين اللبنانيين العاملين في محمية ‏أرز الشوف التي زرناها في رحلة علمية سابقة   .‏

المنسق العلمي بمحمية أرز الشوف  نزار هاني الذي رافقنا خلال جولتنا داخل المحمية  أكد أن ارتفاع درجة الحرارة ‏وعدم تساقط الثلج خلال فصل الشتاء على جبل لبنان يعد من اكبر المخاطر التي تواجه الأرز , حيث أوضح  أن بذور  ‏شجرة  الأرز(الكرز)  التي يستمر نموها نحو العامين لتصل مرحلة النضج ثم تحتاج لفترة بيات شتوي تحت جليد ‏الثلج لفترة تصل إلي أكثر من شهرين متتابعين لتكون قادرة على النمو خلال فصل الربيع .‏

‏ ونظرا لظروف الإحترار العالمي وعدم  تساقط الثلج خلال فصل الشتاء الماضي على جبل لبنان لا تنبت من البذور ‏سوى عدد لا يتعدى أصابع اليد الواحدة من كل 1000حبة  , وهو ما دعا  نزار هاني إلي القول أن هذا الارتفاع في ‏درجة الحرارة وعدم تساقط الثلج هو ما يهدد شجرة الأرز بالانقراض في لبنان .‏

التغيرات المناخية تهدد شجرة  أرز لبنان بالانقراض  ‏
التغيرات المناخية تهدد شجرة أرز لبنان بالانقراض ‏

ويواصل المنسق العلمي توضيحاته أن هناك تهديدات أخرى تشكل تحديا كبيرا فالنشاطات البشرية والحيوانية تساعد ‏على انجراف التربة وتآكل الغطاء النباتي مسببا تعري الجذور لأشجار الأرز , بالرغم أن شجرة الأرز تنمو على ‏صخور قابلة للتفتت ولها مقدرة عالية على اختراقها للوصول إلي المياه الجوفية وخاصة في فصول الجفاف  .‏

وتواجه  شجرة الأرز تحديات من نوع آخر كما يوضح هاني  فالرعي الجائر أو قتل الطيور عشوائيا يمثل انتهاكا ‏لمبدأ التوازن الطبيعي الدقيق  بين الكائنات الحية ومحيطها والعلاقات الوثيقة فيما بينها. حيث يمثل قتل الطيور ‏عاملا مساعدا لكثرة الحشرات الضارة كالدودة الزياحة، التي تقتات من إبر الأرز، فتضعف شجرة الأرز .‏

لبنان تحصد الأوجاع والفوائد من حروبها

وقد عمل العدوان الإسرائيلي  المتكرر على لبنان سواء خلال حرب 1982م و تموز  2006م  دورا سلبيا بالغ التأثير  ‏على المحمية وتنوعها الحيوي و عمل على ضرب قطاع السياحة البيئية وانعكس  ذلك تراجعاً كبيراً في عدد الزوار ‏وبالتالي في عائدات المحمية ومحيطها ومشاريع التنمية الريفية ,حيث  نتج عن القصف الإسرائيلي تخريب ‏للطرقات والممرات  بالإضافة لتدمير موائل الكائنات الحية وهروب بعض الطيور والحيوانات وبينها أنواع نادرة ‏ومهددة بالانقراض.‏

و مع ذلك يوضح المنسق العلمي أن شجرة الأرز اللبنانية كانت على وشك الانقراض لولا تداعيات الحرب مع ‏إسرائيل والتي ساعدت على توقف عملية الاحتطاب والتقطيع لأشجار الأرز التي جرى تقطيعها منذ زمن الفراعنة ‏لتحنيط موتاهم وبناء معابدهم , وخلال الفترات الزمنية المتعاقبة , وخاصة أن الأرز يتمتع بمناعة كيميائية  ضد ‏التآكل من دودة الأرضة التي تأكل الأخشاب  وهي احد الأسباب الرئيسية في الإقبال علية ,بالإضافة لتميزه بجود ‏عالية  في النحت  والتشكيل .‏

ساعد الطبيعة تساعد الإنسان ‏

وسط هذا الخوف على أشجار الأرز سعت جمعية أرز الشوف المسئولة عن إدارة الغابة  بإشراف من وزارة المياه ‏والبيئة اللبنانية  إلي مشاركة المجتمع المحلي في الحماية والتنمية من خلال شعار ساعد الطبيعة تساعد الإنسان ,و ‏من خلال إدراك المجتمع المحيط بالإخطار التي تحيط به لعل أبرزها مشكلة جفاف ينابيع المياه والأنهار التي تعتبر ‏منطقة جبل لبنان بمثابة مستودع تغذية لمعظم لبنان فهذه المنطقة  كانت تحتوي على غابات وأشجار حراجية عملت ‏كمرشحات لمياه الأمطار  ومياه الثلوج بالإضافة  أن صخور المنطقة  تتميز بمسامات صخرية تسمح لمياه الأمطار ‏وذوبان الثلوج بالتغلغل إلي الطبقات السفلى وتغذية الخزانات السطحية و الجوفية للينابيع والأنهار التي تعتبر ‏منطقة مرتفعات جبل لبنان خزانات تغذية لها.‏

وضمن سعي الجمعية إلي إبعاد التأثير السلبي للنشاط البشري والزائرين  علي التنوع الحيوي للمحمية قامت بعمل  ‏ممرات خاصة بالزائرين لا يتجاوزوها , و منع التخييم والشواء , وسعت إلي  تنظيم عملية الرعي للمجتمع المحلي .‏

جمعية أرز الشوف التي تدير الغابة عملت على تشجيع المجتمع من خلال تشجيع مشاركته العوائد والمنافع ‏فالمشاريع الصغيرة للمجتمع المحلي التي تتبناها الجمعية ستساعد على إحداث  تنمية للمجتمع المحلي   , عبر ‏تشجيع السياحة البيئية  حيث بلغ عدد زوار المحمية  حوالي (40000زائر) بالإضافة لذلك تقوم الجمعية  بدور هام  ‏في تسويق المنتجات المحلية من العسل والعطريات والمربيات حيث بلغت إيراداتها حوالي  (100000دولار أمريكي) ‏كما تقوم الجمعية بعمل نشاطات توعية لطلاب المدارس المحيط بالمحمية .‏

وللجمعية خطط مستقبلية تسعى من خلالها إلي دمج المحيط المحلي في جهود المحافظة على الغابة وجعل النشاط ‏البشري  متوازن مع البيئة المحيطة به وتشجيع الاستثمار السياحي من خلال دعم نزل ومطاعم  تدعم النظام البيئي . ‏

الجهود التي تبذلها جمعية أرز الشوف بالتعاون مع وزارة البيئة اللبنانية نجحت في وقف الانقراض , والتدمير لرمز ‏لبنان  ولكن تظل التغيرات المناخية تهديد فعلي  لشجرة الأرز مع أن شجرة الأرز تقاوم التغيرات بطبيعتها , وتظل ‏جهود الباحثين أمل لهذه الغابة وهذا الكنز العالمي .‏

 

شاهد أيضاً

53373094409_b37bb45917_c

مخرجات قمة المناخ ودور منظمات المجتمع المدني اليمنية والعربية في COP28

  أثمر مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة بشأن تغير المناخ بدورته الثامنة والعشرين (COP28)، والذي …