الرئيسية / أبحاث و دراسات / البشر يهددون التنوع البيولوجي العالمي، دراسة علمية تكشف التأثير الكارثي
Biodiversity mounted on a wall at the American Museum of Natural History, New York City.
Biodiversity mounted on a wall at the American Museum of Natural History, New York City.

البشر يهددون التنوع البيولوجي العالمي، دراسة علمية تكشف التأثير الكارثي

منذ آلاف السنين، شكلت الطبيعة نظامًا بيئيًا متوازنًا، حيث تعايشت ملايين الأنواع في تناغم دقيق. لكن اليوم، وبفعل التدخل البشري، تتسارع وتيرة الانقراض، وتتغير تركيبة المجتمعات البيولوجية بوتيرة غير مسبوقة. دراسة علمية جديدة، نُشرت في مجلة Nature، تكشف أن النشاط البشري لم يعد مجرد عامل مؤثر في فقدان التنوع البيولوجي، بل أصبح القوة الدافعة وراء تحولات جذرية قد تقودنا إلى انهيار بيئي شامل. التلوث، إزالة الغابات، التغير المناخي، والصيد الجائر ليست مجرد تهديدات مستقبلية، بل واقع نعيشه الآن. فهل يمكننا تغيير المسار قبل فوات الأوان؟

كشفت دراسة حديثة، نُشرت في مجلة Nature العلمية، عن التأثير المدمر للنشاط البشري على التنوع البيولوجي حول العالم. الدراسة، التي أجراها باحثون من المعهد الفيدرالي السويسري لعلوم وتكنولوجيا المياه (Eawag) وجامعة زيورخ، تعد واحدة من أضخم الدراسات التي تناولت هذا الموضوع على الإطلاق، حيث حللت البيانات من حوالي 2,100 دراسة سابقة تغطي ما يقرب من 50,000 موقع متأثر بالنشاط البشري مقارنة بمواقع مرجعية غير متأثرة.

انخفاض واضح في أعداد الأنواع

توصلت الدراسة إلى أن النشاط البشري يؤدي إلى انخفاض عدد الأنواع بنسبة تقارب 20% في المناطق المتأثرة مقارنة بالمناطق غير المتأثرة. وكان التأثير أشد على الفقاريات، مثل الزواحف والبرمائيات والثدييات، حيث أن صِغر حجم مجتمعاتها يزيد من خطر انقراضها.

تحولات في تركيبة المجتمعات البيولوجية

لم يقتصر التأثير على انخفاض عدد الأنواع فقط، بل أظهرت الدراسة أن التغيرات البشرية تؤدي إلى تحولات كبيرة في تركيبة المجتمعات البيولوجية. على سبيل المثال، في المناطق الجبلية، يؤدي الاحترار المناخي إلى استبدال النباتات المتكيفة مع المرتفعات العالية بأنواع قادمة من المناطق الأقل ارتفاعًا، مما يهدد التوازن البيئي. كما كانت أكبر التغيرات ملحوظة في مجتمعات الكائنات الدقيقة والفطريات، نظرًا لدورات حياتها القصيرة وقدرتها السريعة على التكيف.

العوامل الرئيسية المدمرة للتنوع البيولوجي

حدد الباحثون خمسة عوامل رئيسية مسؤولة عن التأثير السلبي على التنوع البيولوجي، وهي:

1.تغير الموائل الطبيعية مثل إزالة الغابات وتجريف الأراضي.

2.الاستغلال المباشر كالصيد الجائر والصيد البحري المفرط.

3.التغير المناخي وتأثيراته المتزايدة على النظم البيئية.

4.التلوث البيئي الناجم عن المواد الكيميائية والنفايات الصناعية.

5.الأنواع الغازية التي تنتشر في بيئات جديدة وتؤدي إلى تراجع الأنواع الأصلية.

مخاوف من انهيار بيئي شامل

أظهرت الدراسة أن بعض التغيرات قد تعكس بوادر انهيار كامل للمجتمعات البيولوجية في بعض البيئات المتأثرة بشدة. فعلى سبيل المثال، التلوث البيئي وإدخال مواد غريبة إلى النظام البيئي، كما في حالات تسرب النفط أو استخدام المبيدات، يؤديان إلى إضعاف الكائنات الحية أو تدميرها تمامًا.

دعوة عاجلة للحفاظ على التنوع البيولوجي

أكد الباحثون أن نتائج الدراسة تشكل ناقوس خطر عالمي، مشيرين إلى أن تقييم التغيرات البيئية لا ينبغي أن يعتمد فقط على أعداد الأنواع، بل يجب أن يشمل تحليل التغيرات في تركيب المجتمعات البيولوجية ووظائفها. وأوضح البروفيسور فلوريان ألترمات، المشرف على الدراسة، أن نتائج البحث توفر مؤشرات واضحة حول التأثيرات البشرية الأكثر ضررًا، مما يسهم في توجيه الجهود المستقبلية للحفاظ على التنوع البيولوجي.

شاهد أيضاً

التكتيتات المكتشفة حديثًا، أو "الزجاج الكوني"، 

مصدر الصورة: "رسائل علوم الأرض والكواكب"

زجاج كوني يكشف عن اصطدام كويكب هائل بالأرض قبل 11 مليون سنة

اكتشف فريق دولي من الباحثين، بينهم علماء من جامعة كيرتن الأسترالية، أدلة على اصطدام كويكب …