طور باحثون من كلية تاندون للهندسة بجامعة نيويورك بديلاً آمناً بيئياً للمعادن الثقيلة السامة المستخدمة في أجهزة الرؤية تحت الحمراء، ما قد يفتح الباب أمام جيل جديد من الكاميرات الحرارية الأكثر توافقاً مع القوانين البيئية وأقل تكلفة في التصنيع.
تواجه الشركات المصنعة لكاميرات الأشعة تحت الحمراء تحدياً متزايداً، إذ تعتمد الكواشف الحالية على معادن ثقيلة مثل الزئبق والرصاص، وهي مواد تخضع لقيود مشددة بسبب سميتها. في الوقت نفسه، يتسارع الطلب على هذه التكنولوجيا في مجالات متعددة، من السيارات ذاتية القيادة والتصوير الطبي إلى الأمن والدفاع.
في دراسة منشورة بدورية ACS Applied Materials & Interfaces، أعلن فريق من كلية تاندون أنه نجح في استخدام النقاط الكمومية الغروية للكشف عن الأشعة تحت الحمراء من دون الاعتماد على هذه المواد المحظورة.
يشرح البروفيسور أياسكَنتا ساهو، أستاذ الهندسة الكيميائية والبيولوجية الجزيئية بالجامعة والباحث الرئيسي في الدراسة، قائلاً:
“الصناعة تواجه عاصفة مثالية، إذ تتشدد القوانين البيئية في الوقت نفسه الذي يتفجر فيه الطلب على تقنيات التصوير الحراري، مما يخلق اختناقات حقيقية أمام توسيع الإنتاج.”
حبر بدلاً من قطع غيار دقيقة
على عكس التصنيع التقليدي البطيء والمعقد الذي يتطلب ترتيب الذرات بدقة متناهية، يتم تصنيع النقاط الكمومية الغروية بالكامل في محلول، بطريقة تشبه تحضير الحبر. يمكن بعد ذلك ترسيبها باستخدام تقنيات طلاء واسعة النطاق شبيهة بالطباعة، مما يخفض التكاليف ويمهّد الطريق للإنتاج التجاري الكبير.
ولزيادة كفاءة هذه “الأحبار الكمومية”، طور الفريق تقنية تسمى تبادل الليغاند في المحلول، سمحت بإنتاج طبقات موحدة وموصلة للكهرباء في خطوة واحدة، بخلاف الطرق التقليدية التي غالباً ما تعطي أسطحاً متشققة أو غير متجانسة.
أداء واعد رغم التحديات
أظهرت الأجهزة المطوَّرة استجابة فائقة السرعة للأشعة تحت الحمراء على مستوى الميكروثانية – أسرع بمئات المرات من سرعة طرفة العين البشرية – كما تمكنت من رصد إشارات ضوئية ضعيفة تصل إلى واحد نانوواط فقط.
يقول الباحث شلوك ج. بول، المؤلف الأول للدراسة:
“ما يثير حماسي هو أننا استطعنا تحويل مادة طالما اعتُبرت غير قابلة للتطبيق العملي إلى منافس حقيقي. ومع مزيد من التطوير قد نتمكن من التعمق أكثر في نطاقات الأشعة تحت الحمراء التي تفتقر إلى مواد فعّالة حتى الآن.”
هذه النتائج تبني على أبحاث سابقة للفريق ذاته، حيث ابتكروا أقطاباً كهربائية شفافة مصنوعة من أسلاك فضية نانوية، تسمح بمرور الأشعة تحت الحمراء مع جمع الإشارات بكفاءة. وبالجمع بين الأقطاب الشفافة والنقاط الكمومية، يقترب الباحثون خطوة إضافية من تصنيع كاميرات تحت حمراء واسعة النطاق وموفرة للطاقة ومتوافقة مع البيئة.
ورغم أن الأداء لا يزال أقل من أفضل الكواشف التقليدية القائمة على المعادن الثقيلة، فإن العلماء يتوقعون سد هذه الفجوة تدريجياً مع تحسين طرق تصنيع النقاط الكمومية.