الرئيسية / أبحاث و دراسات / الذكاء الاصطناعي يُسهم في تطوير بطاريات الصوديوم كبديل مستدام لبطاريات الليثيوم
Sodium-ion_battery_(size_18650)

الذكاء الاصطناعي يُسهم في تطوير بطاريات الصوديوم كبديل مستدام لبطاريات الليثيوم

تعدُّ حلول تخزين الطاقة عنصراً حيوياً للعديد من التقنيات المستدامة سريعة النمو، مثل السيارات الكهربائية وتوليد الطاقة من المصادر المتجددة. ورغم هيمنة بطاريات الليثيوم أيون (LIBs) على السوق، إلا أن عنصر الليثيوم نادر ومكلف نسبياً، مما يخلق تحديات اقتصادية ويؤثر على استقرار سلاسل التوريد. لذلك، يعمل العلماء حول العالم على تطوير بطاريات جديدة تعتمد على مواد متوافرة وبأسعار معقولة.

تعتبر بطاريات الصوديوم أيون (Na-ion)، التي تستخدم أيونات الصوديوم كحاملات للطاقة، بديلاً واعداً للبطاريات التقليدية؛ حيث يتميز الصوديوم بوفرة تواجده، وسلامة استخدامه، وتكلفته المنخفضة. وتبرز أكاسيد الطبقات الانتقالية المحتوية على الصوديوم (NaMeO2) كمواد فعالة لأقطاب بطاريات الصوديوم، إذ تقدم كثافة عالية للطاقة وقدرة تخزينية واعدة. بيد أن إيجاد التركيبة المثلى لهذه الأكاسيد، التي تتكون من عدة معادن انتقالية، يمثل تحدياً كبيراً ويستغرق وقتاً طويلاً، حيث تؤدي التغييرات الطفيفة في نسب العناصر إلى تغييرات كبيرة في الأداء.

في دراسة حديثة، قاد فريق بحثي من جامعة طوكيو للعلوم (TUS) برئاسة البروفيسور شينيتشي كومابا، ومعه الباحثة سايا سيكين والدكتور توموكي هوساكا، بالتعاون مع جامعة تشالمرز للتكنولوجيا وجامعة ناغويا للتكنولوجيا، استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي لتبسيط عملية البحث عن تركيبات واعدة لأكاسيد الصوديوم. وقد نُشرت نتائج الدراسة في دورية Journal of Materials Chemistry A بتاريخ 6 نوفمبر 2024، وذلك بدعم من وكالات تمويل مثل JST-CREST وDX-GEM وJST-GteX.

قام الفريق ببناء قاعدة بيانات من 100 عينة من أنصاف خلايا الصوديوم بأكثر من 68 تركيبة مختلفة، جمعت على مدار 11 عاماً بواسطة فريق كومابا. وأوضح كومابا: “تشمل قاعدة البيانات تركيب عينات NaMeO2، حيث تشير Me إلى معادن انتقالية مثل المنغنيز، التيتانيوم، الزنك، النيكل، والحديد، مع بيانات أداء تفصيلية مثل حدود الجهد وسعة التفريغ الاحتياطية”.

ثم درب الفريق نموذجاً يعتمد على عدة خوارزميات تعلم آلي وتحسين بايزي، يهدف إلى فهم العلاقة بين التركيبة الكيميائية وخصائص الأداء، مثل الجهد الكهربائي وكثافة الطاقة وقدرة الاحتفاظ بالطاقة. ووفقاً لتحليل النتائج، تمكن النموذج من التنبؤ بأن التركيبة Na[Mn0.36Ni0.44Ti0.15Fe0.05]O2 هي الأمثل لتحقيق أعلى كثافة للطاقة، وهي خاصية أساسية في مواد الأقطاب.

لتأكيد هذه النتائج، قام الباحثون بتصنيع خلايا بحجم قياسي لاختبار أداء التركيبة، وكانت القيم المقاسة متوافقة مع التنبؤات إلى حد كبير، مما يؤكد دقة النموذج وإمكانية استخدامه لاستكشاف مواد جديدة للبطاريات. ويضيف كومابا: “تُعد هذه المنهجية قابلة للتطبيق على أنظمة أكثر تعقيداً، مثل الأكاسيد المعدنية الخماسية”.

يمثل توظيف الذكاء الاصطناعي في البحث العلمي اتجاهاً متنامياً في علوم المواد، حيث يتيح تقليل عدد التجارب اللازمة ويوفر الوقت. ويمكن أن تُسرِّع هذه الاستراتيجية من تطوير بطاريات الجيل القادم، مما يفتح آفاقاً جديدة في مجال تقنيات تخزين الطاقة، سواء في توليد الطاقة المتجددة أو في السيارات الكهربائية والإلكترونيات الاستهلاكية. كما يوضح نجاح الدراسة كيف يمكن لتطبيقات الذكاء الاصطناعي في تطوير البطاريات أن تكون نموذجاً لتسريع الابتكار في مجالات أخرى ضمن علوم المواد. يتطلع الباحثون إلى أن تُسهم هذه التطورات في إنتاج بطاريات صوديوم أيون تجارية ذات سعات عالية وعمر طويل وبتكلفة أقل في المستقبل القريب.

شاهد أيضاً

8b6322a0-ai-resize-freepik-240624

الذكاء الاصطناعي يُهدد البيئة

مع التقدم المتسارع لتقنيات الذكاء الاصطناعي، تزايدت احتياجات الطاقة اللازمة لتدريب النماذج المتطورة، مما أثار …