في مواجهة التحديات التي تطرحها طرق التشخيص الحالية لمرض الزهايمر، قام فريق بحثي دولي يقوده كل من مستشفيات جامعة جنيف (HUG) وجامعة جنيف (UNIGE) ومستشفى بيتي-سالبيتر، بوضع توصيات جديدة تهدف إلى تقليل التشخيصات الخاطئة لهذا المرض العصبي. تُبنى هذه التوصيات، التي نُشرت الجمعة في مجلة الجمعية الطبية الأمريكية لعلم الأعصاب (JAMA Neurology)، على مراجعة دقيقة للأدبيات العلمية وتدعو إلى مراعاة العلامات السريرية إلى جانب العلامات البيولوجية.
تُعتبر العلامات البيولوجية اليوم الأساس الرئيسي لتشخيص مرض الزهايمر، ولكن الاعتماد الكامل عليها قد يؤدي إلى تشخيص خاطئ في حال سوء تفسيرها. فقد أظهرت الدراسات أن بعض الأشخاص يظهرون علامات بيولوجية مرتبطة بالزهايمر، مثل بروتينات البيتا أميلويد والتاو، دون أن يعانوا من أي مشاكل في الذاكرة أو الوظائف الإدراكية الأخرى. ولذلك، يسعى الفريق الدولي بقيادة البروفيسور جيوفاني فريزوني من مستشفيات جامعة جنيف والبروفيسور برونو دوبوا من جامعة السوربون إلى وضع مقاييس جديدة تجمع بين العلامات البيولوجية والفحوصات السريرية.
وفي بيان صحفي تلقت يمن ساينس نسخة منه أوضح البروفيسور فريزوني، فإن النهج التشخيصي المعتمد حاليًا في الولايات المتحدة يركز فقط على العلامات البيولوجية، ما قد يؤدي إلى تشخيص مرض الزهايمر لدى أشخاص لا تظهر عليهم أي أعراض حقيقية. ويقول فريزوني: “لدى شريحة كبيرة من هؤلاء، قد لا يتطور المرض أبدًا، فلماذا نسبب لهم القلق بتشخيص غير دقيق؟”
فئتان جديدتان للتشخيص: الزهايمر الفعلي ومجرد الخطر المحتمل
تُفرق التوصيات الجديدة بين الأشخاص الذين تظهر لديهم علامات بيولوجية غير طبيعية، وتلك الفئة من الذين يعانون من ضعف في اختبارات الذاكرة، وتعتبر الفئة الأولى عرضة فقط لخطر الإصابة وليسوا مرضى بالفعل. هذا التصنيف الجديد يسمح للأطباء بمتابعة دقيقة للأشخاص المعرضين للخطر دون أن يُوضعوا في خانة المرضى.
خطط متابعة طبية جديدة في جنيف
تسعى جنيف لتطبيق هذه التوصيات عبر إنشاء مسارات متابعة طبية جديدة، بتمويل حكومي يمتد لأربع سنوات، ستبدأ اعتبارًا من عام 2025. وستشمل هذه الخطط عوامل الخطر المختلفة، من بينها العلامات البيولوجية إضافةً إلى العوامل النفسية والاجتماعية مثل الاكتئاب والعزلة الاجتماعية.
أهمية التصنيفات الجديدة في الأبحاث الطبية
هذه الفئات الجديدة تمثل نقلة نوعية للبحث العلمي، حيث تتيح للعلماء تجميع مجموعات دراسية أكثر دقة، مما يسهم في قياس تأثير عوامل الخطر المختلفة بشكل أوضح. ويطمح الباحثون إلى تطوير علاجات جديدة تستند إلى عوامل نمط الحياة والتغذية، مثل استخدام البروبيوتيك والأدوية المضادة للأميلويد، مما يتيح للمرضى الحصول على علاج يتناسب مع احتياجاتهم الفردية ويقلل من احتمالية إصابتهم بالزهايمر.