في دراسة علمية جديدة نشرت نتائجها مؤخرًا، تبيّن أن إزالة قرون وحيد القرن بشكل استباقي ساهم في تقليص أنشطة الصيد الجائر بنسبة تصل إلى 78% في 11 محمية طبيعية بجنوب أفريقيا ضمن منطقة “كروغر الكبرى”، وذلك بين عامي 2017 و2023. في المقابل، أظهرت التدخلات الأمنية والقضائية التي هدفت إلى معاقبة الصيادين بعد وقوع الجريمة، عدم وجود أي تأثير إحصائي فعّال على معدلات الصيد غير المشروع.
وأفاد الباحث تيموثي كويبر وفريقه في الدراسة المنشورة أن هذه النتائج تشكّل دعوة مفتوحة للحكومات والجهات الممولة والقطاع الخاص والمنظمات غير الحكومية، لإعادة النظر في استراتيجياتها الحالية لمكافحة الجرائم البيئية. وأضافوا: “رغم أهمية تعقب واعتقال الصيادين، فإن الاستراتيجيات التي تركز على تقليل فرص الصيد وتقليل العائد منه قد تكون أكثر فاعلية من الإجراءات العقابية المتأخرة”.
وينبع الصيد الجائر من الطلب الدولي المتزايد على قرون وحيد القرن، ما يضر ليس فقط بالحيوان المهدد بالانقراض، بل أيضًا بعائدات السياحة في البلدان المعنية، ويُضعف التوازن البيئي، ويموّل الشبكات الإجرامية، ويؤجج العنف.
في الوقت الذي أنفقت فيه السلطات ما يعادل 74 مليون دولار على التدخلات الأمنية (من كلاب بوليسية وكاميرات مراقبة ودوريات للحراس وعمليات اعتقال تجاوزت 700 حالة)، سجّل الفريق البحثي وقوع 1985 حالة صيد جائر. أما في المحميات التي تم فيها إزالة قرون 2284 من وحيد القرن خلال الفترة نفسها، فقد انخفضت الحوادث بنسبة ملحوظة، رغم أن تكلفة هذه العملية لم تتجاوز 1.2% فقط من إجمالي الميزانية.
استخدم الفريق نماذج تحليل بايزية متقدمة لفهم العلاقة السببية بين نوع التدخل ونتيجته، وتوصّل إلى أن التدخلات الأمنية التفاعلية لم تُحدث أي تغيير ملموس، بينما أدى إزالة القرون إلى تقليص الدافع الاقتصادي للصيادين بشكل مباشر.
وتشير الدراسة إلى أن الفقر وعدم المساواة الاجتماعية لا يزالان من أبرز العوامل التي تدفع الأفراد للانخراط في شبكات الصيد غير المشروع، حتى في ظل ارتفاع المخاطر. كما أن تفشي الفساد وضعف أنظمة العدالة في بعض المناطق يُعقد من فاعلية الإجراءات العقابية. ويحذر الباحثون، في الوقت ذاته، من أن الصيادين قد يواصلون استهداف وحيد القرن حتى بعد إزالة قرونه، خاصةً في حالة نمو القرن مجددًا، كما أن التأثيرات البيولوجية طويلة الأمد لإزالة القرون على حياة الحيوان لا تزال غير مفهومة تمامًا.