يمن ساينس | ترجمة خاصة: نشوى الرازحي
مناقشة مع جيرت سكوبل في المعهد الألماني الأميركي في هايدلبرغ
بقلم: هيربرت فوجت | المصدر: هنا
“هناك توقعات بحدوث ما يسمى بالتفرد بعد عشرين عاما: ومعناه أن الآلات ستصبح أكثر ذكاءً من البشر. حتى أن البعض يعتقدون أنه بعد عقود سيكون الكمبيوتر أكثر كفاءة من جميع البشر دون استثناء.” هذا ما قاله الفيزيائي وعالم الاجتماع ديرك هيلبينغ من المعهد الفدرالي السويسري للتكنولوجيا في زيورخ فيما يتعلق بالنظم التي يجري تعلمها في فعالية “ديكتاتورية وديمقراطية البيانات في المجتمع الرقمي” في مهرجان “روح هايدلبرج”. ولكن بالطبع لم يطرح هيلبينغ فكرة أن الحواسيب الذكية من الممكن أن تحل مشاكلنا، فهذا لن يكون ممكنا إلا بالآلات القادرة على التعلم والتي لا تتخذ القرارات المستقلة. غير أن منطقة وادي السيليكون يعدنا بإقامة الجنة على الأرض. ووادي السلكون هو تلك المنطقة الجنوبية من خليج سان فرانسيسكو في كاليفورنيا، الولايات المتحدة الأمريكية والتي أصبحت مشهورة بسبب وجود عدد كبير من مطوري ومنتجي التكنولوجيا التكاملية اللتي تضم، حاليا، جميع أعمال التقنية العالية في المنطقة، حيث أصبح اسم المنطقة مرادفاً لمصطلح التقنية العالية.
كان هيلبينغ أحد المشاركين في حلقة النقاش التي أدارها الصحافي المتخصص في العلوم جيرت سكوبل. وشارك في حلقة النقاش هذه أيضا المحامية والكاتبة يوفون هوفشتتر من ميونخ وكونستانز كورتس، المتحدثة باسم “نادي فوضى الحاسوب” في برلين. حيث أشارت هوفشتتر إلى أنه من خلال علامة التأييد بـ “لايك” في الفيسبوك من الممكن أن يتم تحليل صاحبها وتصنيفه هل هو شاذ أو عصبي أو مكتئب أو شخصا ليس مبتكرا. ولكن بهذه الطريقة يكون قد تم التدخل في شؤون المجتمع ككل وبالتالي العمل على السيطرة والتنظيم.
تقوم شركات وادي السيليكون التكنولوجية بجمع البيانات الشخصية من أجل التوصل إلى توجيه الاستهلاك العالمي.
وأشارت كونستانز كورتس إلى الزيادة الهائلة والرخيصة أيضا لقدرات الحوسبة على التخزين، بحيث أصبح انتشار كميات كبيرة من البيانات أمرا ممكنا، وهو أمر مهم نحو الذكاء الاصطناعي. لقد كان الحاسم في هذا الأمر هو قدرة الأنظمة على التعلم والتعمق. ولأنها تعمل على تطوير القدرات، التي ليس بالضرورة أن يتوقعها المبرمجين، فإنها قادرة على التعلم واتخاذ القرارات. هذه الأنضمة تمثل شبكات عصبية اصطناعية لها طبقات مختلفة تتفاعل مع بعضها بصورة معقدة بحيث تكون النتيجة غير واضحة. ويعني ذلك “التعلم العميق Deep Learning” ، بحيث تشارك فيه طبقات كثيرة من الخلايا العصبية.
ونحن اليوم نؤيد هيلبينغ بأننا “وقعنا فيما يشبه الفخ”. فعلى سبيل المثال، في المجال العسكري هناك نسخ رقمية لبيانات كل واحد منا. حيث يتم خزن الصور الرمزية لنا ويتم جمع البيانات عنا بشكل دائم وكل ما نقوم به مكشوف: “كل ما يتم النقر عليه من قبل المتصفح، يتم تسجيله من قبل الكوكيز (برامج الأرشفة) ويتم بيع هذه البيانات لمصادر مجهولة. هناك من يعرف من أنت أكثر من معرفتك بنفسك ويعرف من هو أفضل صديق لديك.”
القضية قضية مال وسيطرة وفرض رقابة على المجتمع وقليلا من مكافحة الإرهاب. وتكون محاولات التلاعب ممكنة بلا شك بأساليب الدعاية الشخصية. وكذلك المصطلحات “الصحافة الروبوتية” و “الدعاية”. يتحدث هيلبينغ أيضا عن “الرقابة الرأسمالية” قائلا بأن الناس أصبحوا فيها كالسلع يتم المتاجرة بخصوصياتهم من خلال سرقة هذه الخصوصية وإعادة بيعها من جديد. ليس الناس فقط، من الممكن أن يقع مواطنون وبنوك ودول منخرطون في ظل هذا النظام في مشاكل مالية. يوجد في المجتمع نفس اللامساواة التي كانت موجودة قبل الثورة الفرنسية.
لقد تم تطوير آليات الرصد والمراقبة في الأساس لمواجهة أي اعمال شغب محتملة من خلال التجسس على الأمور الشخصية الخفية: “يعرف التلفزيون الذكي كل شيء عن سلوكنا والأحاديث التي تدور في غرفة المعيشة”. قال هيلبينغ “تتحقق في العصر الرقمي وبسرعة العديد من التقنيات: وسائل التواصل الاجتماعي، وقاعدة البيانات الكبيرة، سحابة التخزين، والحوسبة السحابية، والذكاء الاصطناعي، والحواسيب المعرفية، والواقع الافتراضي أو طابعة 3D، كلها مزيج لجميع قطاعات الاقتصاد، تتسبب في حدوث تحولا أساسيا”.
هناك حاجة إلى مبادئ تنظيم أخرى للمستوى الاجتماعي الجديد. فوفقا للعولمة، يدور الأمر حول ضمان إمكانية المشاركة وخلق “اقتصاد مشاركة عملاق”.