سيدني، أستراليا – كشف باحثان من جامعة سيدني، هما الدكتور دومينيك ويليامسون والدكتور نودين باسبين، عن بنية نظرية مبتكرة لتصحيح الأخطاء في أجهزة الكمبيوتر الكمية، تعد بإحداث نقلة نوعية في تحسين استقرار المعلومات الكمية وخفض الموارد الحاسوبية اللازمة لإنشاء “البتات المنطقية” أو ما يعرف بـ”المفاتيح الكمية”، المستخدمة في الحسابات الكمية.
يقول الدكتور دومينيك ويليامسون، الباحث الرئيسي في الدراسة من معهد سيدني نانو ومدرسة الفيزياء في جامعة سيدني: “لا تزال هناك تحديات كبيرة أمام تطوير الحوسبة الكمية العالمية، ومن أبرزها أن معظم البتات الكمية يجب أن تُستخدم لتصحيح الأخطاء التي تنشأ تلقائيًا أثناء التشغيل”. ويضيف: “تعد هذه البنية الجديدة بتحقيق تصحيح أكبر للأخطاء باستخدام بتات كمية أقل، مما يحرر المزيد منها لأداء المهام الحسابية الفعلية”. ويليامسون يعمل حاليًا كباحث كمّي في شركة IBM.
نُشرت نتائج الدراسة في مجلة “نيتشر كوميونيكيشنز”، حيث تركز على بنية ثلاثية الأبعاد تعمل على تصحيح الأخطاء الكمية عبر مستويين. وتأتي هذه البنية لتقدم تحسنًا ملحوظًا على الأنظمة التقليدية التي تعتمد على هيكل ثلاثي الأبعاد لكنها تدير الأخطاء عبر بعد واحد فقط.
وتتجسد عملية تصحيح الأخطاء في كتابة أكواد تعمل عبر شبكة البتات الكمية، حيث يتم تنظيم هذه “المفاتيح الكمية” في هيكل شبكي متكامل. الهدف الأساسي هو التفوق في “سباق تسلح” بين الأخطاء التي تظهر والبتات المستخدمة لتصحيحها، مع تقليل عدد البتات المستخدمة قدر الإمكان لتحقيق تصحيح فعال.
يشرح الدكتور ويليامسون أن “الأكواد الحالية في بنية ثلاثية الأبعاد بمقياس L x L x L يمكنها معالجة أخطاء بمقدار L فقط، بينما أكوادنا الجديدة تتيح معالجة أخطاء بمقدار L² (L x L) وهو تحسن كبير”.
ويوضح الدكتور نودين باسبين، طالب الدكتوراه والمؤلف المشارك: “يعني هذا أننا اكتشفنا حالات جديدة للمادة الكمية في ثلاث أبعاد، تتمتع بخصائص غير مسبوقة”.
تعتبر أجهزة الكمبيوتر الكمية قادرة على حل مشكلات معقدة تعجز الحواسيب التقليدية عن حلها، إلا أن إحدى التحديات الأساسية لتحقيق هذا الهدف هي ضرورة تصحيح الأخطاء الكمية بفعالية. وتعاني الطرق التقليدية لتصحيح الأخطاء، مثل “الشفرة السطحية” الشهيرة، من محدودية في قابلية التوسع وكفاءة استخدام الموارد.
البحث الجديد الذي قدمه ويليامسون وباسبين يطرح بنية ثلاثية الأبعاد لإدارة الأخطاء الكمية بشكل أكثر كفاءة ضمن طبقات ثنائية الأبعاد. باستخدام هذه الشفرة الطوبولوجية الثلاثية الأبعاد، أوضح الباحثان أنه من الممكن تحقيق تحسن في مقاييس الأداء، مع تقليل عدد البتات الفيزيائية اللازمة. هذه الخطوة تمثل تقدمًا بالغ الأهمية نحو تطوير حواسيب كمية قابلة للتوسع، حيث تتيح بناء أنظمة ذاكرة كمية أكثر إحكامًا.
ويقول البروفيسور ستيفن بارتليت، المدير التنفيذي لمعهد سيدني نانو والمتخصص في نظرية الكم: “يمكن أن يسهم هذا التقدم في تحويل طريقة بناء وتشغيل الحواسيب الكمية، مما يجعلها أكثر فعالية وقابلة للتطبيق في مجالات متنوعة، بدءًا من التشفير وصولاً إلى محاكاة الأنظمة الكمية المعقدة”.