مع اقتراب انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي (COP29) في ١١ نوفمبر، تبرز قضية التمويل من الدول الصناعية إلى الدول الفقيرة كواحدة من أهم النقاط الساخنة على جدول الأعمال. ورغم التعهدات السابقة لهذه الدول بدفع مبالغ سنوية تصل إلى ١٠٠ مليار دولار بين عامي ٢٠٢٠ و ٢٠٢٥ لدعم مشاريع حماية المناخ والتكيف مع آثاره، إلا أن هذه الالتزامات لم تُنفذ بالكامل، فيما لا تزال آلية توفير التمويل الإضافي ضمن الأهداف الجديدة لم تُحدد بشكل واضح.
وفي هذا السياق، كشفت دراسة أجراها فريق دولي من الباحثين بمشاركة جامعة ميونيخ التقنية (TUM)، أن الأرباح الإضافية، التي حققتها شركات النفط والغاز بسبب أزمة الطاقة في عام 2022، كانت كافية لتغطية التزامات الدول الصناعية لمدة تقارب خمس سنوات. وخلص الباحثون إلى أن فرض ضريبة على هذه الأرباح المفاجئة لشركات الوقود الأحفوري يمكن أن يشكل مصدراً إضافياً لتمويل المناخ.
وتُعرف ضريبة الأرباح المفاجئة بأنها ضريبة تُفرض على الأرباح التي تتجاوز التوقعات في الظروف العادية، والتي غالباً ما تنتج عن أزمات خاصة. فقد ارتفعت الأسعار العالمية للطاقة بشكل غير مسبوق عقب الأزمة الأوكرانية، حيث حققت 93 من أكبر شركات النفط والغاز العالمية أرباحاً تجاوزت التوقعات بنحو ٤٩٠ مليار دولار.
٤٢٪ من الأرباح حققتها شركات حكومية
ووفقاً للدراسة، تمكّنت الشركات الحكومية، خاصة في النرويج، من تحقيق حوالي 42% من الأرباح الإضافية. وقد أشار الباحثون إلى أن الحكومات، التي تمتلك هذه الشركات، لديها القدرة على إعادة توجيه هذه الأرباح لدعم جهود مكافحة التغير المناخي. وأوضح الدكتور آنا شتينزي من جامعة سانت غالن، أن الحكومات لديها القدرة على اتخاذ تدابير مباشرة لسحب الأرباح الناتجة عن الأزمات وتوجيهها إلى جهود المناخ.
وفيما يتعلق بالشركات الخاصة التي حققت أرباحاً إضافية، فإن 95% منها تتخذ من دول ذات التزامات في مجال تمويل المناخ مقراً رئيسياً. وعلى سبيل المثال، تمكنت شركات النفط والغاز الأمريكية من تحقيق أرباح تقدر بنحو ١٤٣ مليار دولار، وهو ما يقارب نصف الأرباح الإضافية، تليها شركات في المملكة المتحدة، وفرنسا، وكندا.
اتفاق ضريبي عالمي كنموذج يحتذى به
وعلّق البروفيسور فلوريان إيغلي، رئيس فريق البحث، قائلاً: “أكثر من نصف الانبعاثات العالمية من غازات الدفيئة تأتي من حرق النفط والغاز، في حين أن هذه الصناعة كانت واحدة من أكثر القطاعات ربحية”. وأشار إلى أن التوصل إلى اتفاق عالمي لفرض ضرائب على هذه الأرباح قد يكون صعباً، لكن يمكن استخدام نموذج الاتفاق على الحد الأدنى للضريبة العالمية، الذي تم التوصل إليه بين أكثر من ١٣٠ دولة في إطار منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) ومجموعة العشرين (G20) في عام ٢٠٢٣، كنموذج ملهم.
وتوصي الدراسة بإنشاء صندوق عالمي يتم فيه جمع الضرائب على الأرباح الإضافية لاستخدامها في السنوات التي لا تشهد أرباحاً غير متوقعة. وقد بادرت الاتحاد الأوروبي في عام ٢٠٢٢ بفرض ضريبة مؤقتة على أرباح الوقود الأحفوري، فيما ستستمر المملكة المتحدة بتطبيق ضريبة مماثلة حتى عام ٢٠٣٠.
وفي الختام، أوضح الباحثون أن أرباح قطاع الوقود الأحفوري العالمي تتجاوز الأرقام الواردة في الدراسة، حيث لم تتضمن الدراسة أرباح شركات كبرى في دول مثل روسيا وإيران وفنزويلا وجنوب أفريقيا بسبب عدم شفافية البيانات.