طور باحثون من جامعة كاليفورنيا في سانتا كروز تقنيات جديدة لإنتاج أجهزة طيفية مصغرة لكنها فائقة القوة، مما يمهد الطريق لاستخدامات متعددة بدءًا من تشخيص الأمراض وصولًا إلى مراقبة النجوم في المجرات البعيدة. تتميز هذه الأجهزة بتكلفة إنتاج منخفضة، مما يجعلها أكثر سهولة ومرونة للتكيف مع تطبيقات محددة.
تعاون فريق الباحثين بقيادة البروفيسور هولغر شميت من قسم الهندسة الكهربائية وهندسة الحاسوب، والبروفيسور كيفن بوندي من قسم الفلك وعلم الفلك، ونشروا تفاصيل اختراعهم في دورية APL Photonics، وهي واحدة من المجلات الرائدة في هذا المجال.
أداء متميز بحجم صغير
استعرض الباحثون جهازًا طيفيًا جديدًا يتمتع بأداء عالي جدًا، حيث يمكنه قياس الضوء بدقة تصل إلى 0.05 نانومتر في الطول الموجي، وهي دقة تعادل جهازًا طيفيًا أكبر حجمًا بآلاف المرات. قال البروفيسور شميت: “هذا أداء يضاهي الأجهزة الكبيرة والمكلفة، ويُعد إنجازًا مثيرًا للإعجاب ومنافسًا بشدة”.
تقنيات حديثة في التصغير
تصغير الأجهزة الطيفية هو مجال نشط من الأبحاث، إذ تُستخدم هذه الأجهزة في العديد من المجالات، لكنها قد تكون بحجم مبنى من ثلاثة طوابق وتكلفتها باهظة. لكن الجهاز الذي طوره فريق جامعة كاليفورنيا يتميز بتكلفة تصنيع منخفضة وأداء عالٍ، باستخدام تقنيات تصنيع غير معقدة نسبيًا. يعتمد الجهاز على موجّه ضوئي مصغر يتم تركيبه على شريحة إلكترونية، ويستخدم لتوجيه الضوء في أنماط معينة حسب اللون.
يقوم الجهاز بتحليل الضوء بواسطة خوارزميات تعلم الآلة التي تعيد بناء الصورة بدقة عالية جدًا، حتى مع إدخال بيانات غير دقيقة، حيث يمكن لهذه الخوارزميات تحسين أدائها باستمرار.
ابتكارات ميسّرة
تتيح هذه التكنولوجيا للباحثين إنتاج الأجهزة بسرعة وسهولة باستخدام تقنيات تصنيع بسيطة، مما يجعلها متاحة للاستخدام في مجموعة واسعة من التطبيقات. وقد تم تصميم هذه الشرائح في جامعة كاليفورنيا وتصنيعها بالتعاون مع جامعة بريغهام يونغ، مما يعزز قدرة الباحثين على تكييف الأجهزة حسب احتياجاتهم.
قال البروفيسور آرون هوكينز، الشريك في البحث: “يمكن لأي شخص يمتلك قدرات أساسية في التصنيع إعادة إنتاج هذا الجهاز وضبطه وفقًا لاحتياجاته الخاصة”.
قراءة النجوم وتطبيقات طبية
تركز التطبيقات الأولية لهذا الابتكار على الأبحاث الفلكية، حيث يُمكن استخدام هذه الأجهزة في التلسكوبات لدراسة النجوم والأحداث الفلكية الأخرى. ستتيح الدقة العالية لهذه الأجهزة للعلماء فهم تكوين الأغلفة الجوية للكواكب الخارجية واستكشاف طبيعة المادة المظلمة في المجرات القزمة الباهتة.
كما أن هذه التكنولوجيا، التي لا تتطلب أجهزة ثقيلة، تجعل من السهل استخدامها في الفحوصات الطبية غير الجراحية، مثل اكتشاف السرطان والأمراض المعدية. كما يُخطط الباحثون لتطوير الجهاز لاستخدامه في تحليل انتشار الضوء (Raman Scattering) للكشف عن جزيئات محددة، مثل وجود مواد كيميائية ضارة أو عقاقير داخل الجسم.
يمثل هذا الابتكار قفزة نوعية في مجال الطيفيات المصغرة، ويعد بإمكانيات هائلة في العديد من المجالات العلمية والطبية.