الرئيسية / الأرض و الفضاء / العواصف الرملية تسونامي  الصحراء
العواصف الرملية
العواصف الرملية

العواصف الرملية تسونامي  الصحراء

 

 

خلال الأسابيع الماضية شهدت الجزيرة العربية وبعض المناطق المجاورة والمحاذية لها  موجة من العواصف الرملية القوية والغبار الكثيف  التي أدت إلي حجب الرؤية الكاملة ,وحلول الظلام الدامس في منتصف النهار لمدة تقارب الساعة  في بعض المناطق  مما سبب في  توقف  الحركة تماما .

وامتد تأثيرها لعدة أيام مما أدى إلي  تعطيل المدارس والمؤسسات الحكومية وإعلان بعضها  إجازة عن العمل والبعض الأخر أعلن إغلاق المطارات بسبب الانعدام الكلي للرؤية وأصبحت بعض المناطق مظلمة من كثافة الرمال في العواصف  مصحوبة بأصواتها المرعبة   التي لم يشهد لها مثيل من قبل .

 وتنشط العواصف الرملية  عادة في فصل الربيع والصيف وهذا ناتج عن التبدل  في مراكز الضغط الجوي والتفكك الشديد في حبات الرمال  نتيجة للحرارة الشديدة.

 وتحدث العاصفة الترابية لوجود تربة جافة ومفككة عارية من الغطاء النباتي ولسرعة الرياح في الجو وميكانيكية نشوء العاصفة الترابية نتيجة لتيارات الحمل التي تحدث بعد تسخين شديد لسطح الأرض، فيصبح الهواء فوق سطح الأرض حاراً ومن ثم يصعد إلى أعلى بشكل تيارات حملانية. مما يسبب خلق اختلافات في الضغط الجوي والحرارة، بسببها تندفع رياح أبرد نسبياً إلى ملء الفراغ في الموقع الأمر الذي يثير الغبار ويحمل حبات الرمل إلى أعلى بمستوى يتناسب مع قوة الرياح وجفاف وتفكك التربة .

وان كان علماء أمريكيون قد توصلوا في دراسة تكون العواصف ألرملية في الصحارى ذات منشأ  كهربائي وإنها لا تحدث بالدرجة الرئيسة بسبب هبوب الرياح بل بسبب ظهور ذرات غبار مشحونة متنافرة تقود إلى ظهور مجال كهربائي طبيعي شديد بين سطح الأرض والمناطق الأعلى منه.

العواصف الرملية

والعواصف الرملية تكون محملة بذرات الغبار وأتربة من قشرة الأرض السطحية المفككة  وتنشط هذه العواصف في الصحاري  كالجزيرة العربية وقارة أفريقيا وأمريكا  ووسط آسيا واستراليا ,وقد رصدت عواصف رملية فوق المريخ بصورة عنيفة جدا و أقوى  من العواصف الأرضية , وعندما تثار عاصفة رملية في قارة وتكون قوية فإنها ما تلبث أن تنتقل إلي مناطق بعيد كما يحدث عندما تثار عواصف رملية في وسط الصحراء الكبرى بأفريقيا لتنقل ذرات الرمل والجزيئات العالقة التي لا يزيد حجمها عن 250 ميكرون إلي مناطق مختلفة .

 ففي إحدى الدراسات العلمية للتصحر والرياح  والتي أجرتها مجموعة من علماء البيئة في جامعة ليج في بلجيكا أفادت أن الصحراء تلقي بأتربتها في الغلاف الجوي بنحو”مليار طن سنوياً “ بالإضافة إلى أن 100 مليون “ طن من هذه الأتربة تأخذ اتجاهها إلى القارة الأوروبية وبعضها يختفي في حوض البحر الأبيض المتوسط  بينما دراسة أخرى أفادت أن العواصف الرملية في الصحراء الكبرى بإفريقيا تعتبر المحيط الأطلسي لتجد مستقرها في أمريكا الجنوبية بغابات الأمازون لتستقر هناك  كسماد لغاباتها بعد سقوط المطر عليها  وقد ازدادت العواصف الرملية في العقود الأخيرة حسب بعض الدراسات بسبب ازدياد مساحة التصحر وتوسعها بشكل كبير .

وللعواصف الرملية  أثار مدمرة على البيئة القريبة منها والتي تحولها إلي جزء من الصحراء بل وتدمير مدن وطمرها تحت حبات الرمل  وكأنها خبر كان,وقد حذرت الدكتور إلهام جاسم اللنقاوي من تنامي ظاهرة التصحر في الكويت وحذرت من تحول الكويت الي جزء من صحراء الربع الخالي جراء ازدياد الكثبان الرملية فيها وفيما كانت الحكومة الكويتية  تعمل على مكافحة التصحر عبر رش الصحراء بحبوب الشعير في فصل الشتاء لينمو في فصل الربيع ويساعد رمال الصحراء من الثبات كانت الحيوانات والنشاطات الإنسانية تدمر ذلك الغطاء .

و العواصف الرملية هي نوع ناقل للملوثات الصناعية الناتجة عن أدخنة المصانع والورش والسيارات حيث  كشفت صحيفة “يو إس توديه” أن نحو 40% من تلوث الهواء في الولايات المتحدة يرجع لأسباب خارجية.

ووفقاً لدراسة أجرتها جامعة هارفارد، فإن معظم الولايات الأمريكية تعاني من المصادر الخارجية لتلوث الهواء، ومن أخطرها الزئبق المنبعث من محطات الطاقة والمصانع في الصين وكوريا وأجزاء أخرى من آسيا، والذي ينتقل عبر الرياح ليستقر في البحيرات والأنهار الأمريكية، ويسهم في تلويثها وجعل الأسماك غير صالحة للأكل.

إضافة إلى الغبار الذي يأتي من الصحراء الكبرى في أفريقيا عبر المحيط الأطلسي، ويؤدي إلى رفع مستوى الجسيمات العالقة في الهواء إلى حدود تفوق المعايير الأمريكية، وذلك في ميامي وغيرها من مدن جنوب الولايات المتحدة.

كما تتأثر العديد من الولايات بالضباب الناجم عن دخان المصانع ومحطات الكهرباء والحرائق في آسيا والمكسيك، على نحو يؤدي إلى مشكلات صحية لقطاعات عديدة من السكان.

العواصف الرملية  جسر جوي لنقل الأمراض.

يعتبر الهواء النظيف احد الشروط الأساسية في الحفاظ على صحة الانسان  وبما أن ملوثات الهواء زادت في القرون الأخيرة نتيجة لازدياد النشاطات البشرية المختلفة فوفقا لتقديرات منظمة الصحة العالمية لعبء الإمراض الناجم عن تلوث الهواء ,فان العالم يشهد كل سنة ما يزيد عن مليوني وفاة مبكرة يمكن عزوها لأثار تلوث الهواء الطلق والهواء في الأماكن المغلقة  ومع هبوب  العواصف الرملية التي تحمل بين ذرات الرمل  الكثير من الفطريات والبكتريا  التي تحمل بواسطة الجزيئات والتي يستنشقها الانسان وتجد لها المنبت  الرطب الصالح للتكاثر والغزو  في رئتي الانسان وتختلف حسب المناعات البشرية التي تختلف من شخص لأخر.

وقد حددت منظمة الصحة العالمية أن العواصف الترابية التي حدثت في مناطق الصحراء في أفريقيا عام 1996 تسببت في انتشار وبائي لالتهاب السحايا أصاب 250الف شخص بالمرض ونتج عنه وفاة 25الف شخص. وسبب انتشار المرض المعدي هو حمل ذرات الغبار للبكتيريا المسببة لالتهاب السحايا لمسافات طويلة وحين يستنشق الإنسان هذه البكتيريا بكميات كافية فإن احتمالية إصابته بالمرض تزداد. فقد استطاع الباحثون عزل البكتيريا المسببة لالتهاب السحايا من ذرات الغبار. الأخطر، أن ذرات الغبار الصغيرة (2.5 )PM والتي يمكن أن ينقلها الهواء لآلاف الكيلومترات تستطيع حمل البكتيريا إلى مسافات بعيدة جدا.

وقد أظهرت الأبحاث التي أجريت في الصين وتايوان أن زيارة غرف الإسعاف والمستشفيات بسبب أمراض الرئة والأنف والقلب والتهاب العينين الرمدي ارتفعت بنسب كبيرة خلال العواصف الترابية. وحين تم دراسة تاثير هذه الجزيئات (2.5 )PM على خلايا الرئة في فئران التجارب وجد الباحثون تأثيرات غير صحية على عدد من الخلايا مثل الخلايا البلعمية النخروبية (Alveolar macrophages) كما أظهرت النتائج الأولية لأبحاث أخرى أن تعريض خلايا الرئة والقلب والكبد لجزيئات الغبار الصغيرة (2.5) PM بتركيز عال قد يزيد من أكسدة الخلايا).

بما أن الغبار المحمل بالمواد العضوية والغير عضوية يودي الي  تهيج الجهاز التنفسي  عند استنشاقها.ويشعر المصابون بالربو بصعوبة في التنفس فتزداد حالات الإصابات بصعوبة التنفس والإغماء   لديهم في أيام العواصف الرملية  هو ما تحذر منه  الأرصاد في مختلف الدول أن على المصابين بالربو لزوم المنزل واخذ الحيطة من التعرض للغبار  ,أما إصابات العين فأبرزها  الحساسية والالتهابات الصبيبية (الرمد)بالإضافة لحساسية الأنف .

وللعواصف الرملية آثار مدمر على الانسان والممتلكات  وازدياد حوادث السيارات وانقطاع التيار الكهربائي وازدياد عدد المرضى في المستشفيات والمراكز الصحية نتيجة لتعرضهم لضيق في التنفس ناتجة عن أمراض  الصدر المزمنة أو الحساسية .

العواصف الرملية  ناقل الخير ايضا

وللعواصف الرملية دورا مهم في الدورة البيئة للأرض  فهي تلعب دوراً مهماً في نقل حبوب اللقاح والمساهمة في تلقيح كثير من النباتات المختلفة ومن فوائدها أيضا أنها تحجب أشعة الشمس عن المناطق التي تغطيها تلك العواصف مما يؤدي إلى خفض درجات الحرارة في تلك المناطق كما أثبتت دراسة أنها ناقل  مهم لذرات الرمال إلي مناطق الغابات المطرية التي تعتبر سماد لها .

العلاج من العواصف الرملية :

  • يجب على الأشخاص الذين يعانون من الربو والتحسس عدم التعرض والخروج أثناء العواصف الرملية وانتشار الغبار .
  • توفير أجهزة تساعد على التنفس إذا اقتضت الحاجة .
  • إغلاق جميع منافذ البيوت حتى يحافظ على جو خالي من الأتربة ويمنع دخول الأتربة للمنزل.
  • زيادة مساحة التشجير في المنازل .
  • مكافحة التصحر بكل الوسائل الممكنة.
  • وضع الكمامات على الأنف والنظارات على العين عند الخروج لأي طارئ.

 

 

 

امل القرشي

 

 

 

 

 

 

 

شاهد أيضاً

المهندس طارق حسان

مقابلة خاصة | طارق حسان، أحد الرواد الأوائل للعمل المناخي في اليمن.

المهندس طارق حسان – رائد العمل المناخي في اليمن حضوره ل عشرة مؤتمرات مناخ كمراقب وممثل …