الرئيسية / الطاقة المتجددة / نقمة النفط في الوطن العربي وفرص التحول نحو الطاقة المتجددة   
الطاقة الحيوية تهدد فقراء العالم ‏
الطاقة الحيوية تهدد فقراء العالم ‏

نقمة النفط في الوطن العربي وفرص التحول نحو الطاقة المتجددة   

سحر محمد

لعل المواطن في الوطن العربي يعايش مفارقة عجيبة  بشكل يومي فحين يشكو الملايين من النقص في احتياجات الحياة الاساسية وفقر طاقي يزخر الوطن العربي بكم وافر من خيرات الطبيعة والمصادر المتجددة  للطاقة , ومازالت المعضلة الأساسية التي يعاني منها اغلب دول العالم العربي تكمن في الفجوة المعرفية  و الاستثمار الجاد في البحث والتطوير والابداع لخلق التحول المجتمعي نحو مجتمع معرفي في ضل غياب الدور الجاد للحكومات وتقاعس صناع القرار وانشغال البعض من البلدان العربية  كاليمن وسوريا والعراق. .. حروب وازمات داخليه مرهقه اقتصاديا وزادت من تدني مستوي خط الفقر وتراجعها علي صعيد الانتاج والتصنيع في مجال الطاقة المتجددة وخلق استدامة وامن طاقي فسياسه الطاقة المتجددة مرتبطة ارتباط وثيق بالاستقرار السياسي وقدرة المؤسسات المعنية بالطاقة المتجددة  علي خلق معرفه و تطبيق مبادرات اقليمية مستدامة تعني ببرامج الطاقة المتجددة .
لعنه المصادر
لطالما ارتبط  قيام الحضارة والتقدم بقدرة الانسان علي الاستفادة وتسخير مصادر الطاقة المختلفة ابتداء بالنار وانتهاء بالفحم والنفط والغاز الا ان فكرة النمو لأجل النمو اصبحت قديمة نتيجة لاكتشاف الانسان المخاطر البيئية المحدقة التي اضرت كوكب الارض والاثار السلبية لحرق الوقود التقليدي وما يصاحبه من انبعاثات للغازات الدفيئة , فالاحتباس الحراري وما نتج عنه من ارتفاع لحرارة الارض وتغير في انماط الطقس والمناخ بشكل مضطرد حول العالم وتعاقب ضهور الكوارث الطبيعية  من اعاصير وفيضانات من ناحية وجفاف و نقص المياه وتدهور الزراعة من ناحية اخري , جعل كثير من الهيئات الدولية المعنية بالمناخ وكثير من الدول الصناعية بإعادة النظر في استخدام مصادر الطاقة التقليدية من الوقود الاحفوري.

فبعد حوالي نصف قرن علي بداية عصر النفط في الوطن  العربي وجد المجتمع العربي نفسه في مواجهه الاثار السلبية لاستخدام الوقود الاحفوري ,ففي أي بلد  يكتشف فيها النفط  تتم  المسارعة في الاستفادة من الثروة الفورية وترتفع الاجور في البلد بشكل عام وتزيد قيمة العملة المحلية وتزدهر الصناعات النفطية علي حساب الصناعات الأخرى الغير نفطية مما يؤدي الي دمار واختفاء للصناعات الأخرى كما يصاحب اندفاع الكفاءات للعمل في قطاع النفط وينخفض مستوي الكفاءات في القطاعات الأخرى ويؤثر هذا سلبيا علي جودة الانتاج المحلي وترتفع نسبه البطالة مما ينتج عن تدهور الاقتصاد الوطني الغير مرتبط بالصناعات النفطية ويصبح الاعتماد كليا علي ايرادات النفط , غالبا يتم التعامل مع المشكلات بسطحية ويتم منح تعويضات للصناعات المهددة ورفع  الرواتب مما يخلق مجتمع مستهلك  يفتقر الي الانتاج و الابتكار.
الدول في العالم العربي تنقسم الي دول منتجة ودول مستوردة للنفط ولكنها بشكل عام تشهد نمو سكاني مضطرد واستهلاك متزايد للطاقة حيث ان معدل النمو يقدر بحوالي 4% ويقابله استهلاك للطاقة من الوقود الاحفوري تقدر بالضعف حوالي 8% , زيادة الاستهلاك والحرق لمصادر الطاقة الغير نظيفة  شكل ضغوط علي البيئة وزاد من نسبة التلوث البيئي للماء والهواء والتربة  وما يرافقه من احتباس حراري , فالمملكة العربية السعودية تأتي في المرتبة 20 من بين اكبر 30 دوله مطلقه لثاني اكسيد الكربون تليها مصر والامارات العربية .
الاقتصاد الاخضر

 

التجربة الأوربية  في تطوير اقتصاد الحديد والفحم بعد الحرب العالمية الثانية  وتقليل الاعتماد استيراد الوقود الاحفور يتمثل تجربه اقتصادية ناجعه فعلي سبيل المثال تزايد الاعتماد علي الطاقة المتجددة في الدنمارك بنسبة 80% خلال العقد الاخير مما يدل علي رويه حكومية  واعية وشركات مبدعه ,فقد ادركت الكثير من الدول مدي الترابط  بين قضايا الطاقة والماء والغذاء والبيئة .
قضايا الطاقة المتجددة في الوطن العربي تضل هامشيه رغم وفرة مصادر الطاقة النظيفة ويمكن ارجاع هذا التأخر برغم وجود الحاجة الي غياب القاعدة المعرفية والافتقار الي التقنية وغياب المؤسسات الفاعلة في ضل انظمة حكومية مركزيه تغيب عنها الرؤية الاقتصادية نحو تحقيق تنمية مستدامة , فلكل دوله عربيه خيارات متعددة لتعديل مزاج ومسار الطاقة والتحول الي طاقه نضيفه .
تعد الطاقة الشمسية احد افضل التقنيات الواعدة في الوطن العربي لما ينعم به من اشعاع شمسي يجعله الأغنى عالميا بهذا المصدر مقارنه دول العالم الأخرى فمتوسط ما يصل الي الاراضي العربية هو 5كيلو واط في الساعة لكل متر مربع في اليوم .

اصبح  من السهل توليد الكهرباء عبر خلايا اللوح الشمسي بشكل مباشر بعكس مصادر الطاقة التقليدية التي تتطلب الحرق لتوليد الطاقة الحرارية وتحويلها الي الحركية وصولا الي توليد الكهرباء وما يصاحب هذه العملية من تلوث وكلفه بيئية .
فبرغم ان شدة الاشعاع الشمسي تتفاوت الا ان تخزين الطاقة اصبح متاحا حاليا بفضل تطور تقنيات تخزين حديثة من بطاريات وملح صخري , كما يتم عمل شبكة هجينه من طاقة شمسيه ورياح ويتم ربطها بالشبكات الوطنية , فدولة مثل المانيا نجحت في سد حاجتها من الطاقة بنسبه 59% بفضل هذا النظام الهجين من شمس ورياح.

لا تتوقف مصادر الطاقة المتجدد في الوطن العربي علي الشمس والرياح ولكن هناك الوقود الحيوي او البيولوجي الناتج عن حرق النباتات والمحاصيل ومخلفات الغابات والمخلفات البشرية والحيوانية وتحويلها لطاقه حرارية او تحويلها الي وقود سائل او غازي الذي يستخدم في محطات توليد الكهرباء , يستخلص عذا الوقود من المخلفات العضوية وليس من المحاصيل الزراعية . يقدم النموذج الأوربي تجربه حرية بالتقليد في هذا الجانب حيث يستخدم الغاز الحيوي علي نطاق تجاري وفي المشاريع الصغيرة لتوليد كهرباء بقدرة تصل الي 1000كيلوواط  وفي محطات اخري تصل القدرة التوليدية الي 45ميجاواط.

لا تتجاوز نسبة توليد الطاقة الكهربائية من مصادر الطاقة المتجددة في الوطن العربي الـ 7.6% ويأتي النصيب الاكبر من الطاقة الكهرومائية بنسبة 7.4 % ويتوزع الباقي علي المصادر الأخرى من شمس ورياح وطاقة حيوية بنسبة لا تتجاوز 28. %

من اكثر المعرقلات التي تقف حاجزا لانتشار الطاقة المتجددة في الوطن العربي هي ارتفاع الكلفة الابتدائية  وحاجة بعض التقنيات الي التطوير في ضل غياب الاهتمام الحكومي وصناع القرار فعلي سبيل المثال الاستثمار في الطاقة الشمسية بحاجة الي رأس مال كبير وتكلفه تخزين الطاقة تعتبر الي الان مكلفة  كما ان تكلفة توليد الكهرباء بهذه الطريقة تتراوح بين 45-50سنت دولار لكل كيلو وات في حين ان الاستثمار في مصادر الطاقة التقليدية يتراوح سعر الكيلو الوات بين11- 48 سنت دولار في حالة المنشآت الكبيرة وهذا التدني لسعر الكهرباء في الوطن العربي ادي الي غياب الاستثمار في قطاع الطاقة المتجددة في ضل عدم وجود دعم حكومي ورؤيه وطنية كما هو حاصل في التجربة الأوربية.
العالم العربي من اكثر البلدان استهلاكا لطاقة الوقود الاحفوري في العالم و اكثر المناطق اعتمادا علي المصادر التقليدية الملوثة في توليد الكهرباء , لذا اصبح من الضرورة بمكان البدء بوضع خطط استراتيجية لتحقيق امن طاقي وتنمسيه مستدامة , فقطاع الطاقة المتجددة يعد بتوفير 6.5 مليون فرصة عمل مما يساعد في التقليل من البطالة بعكس الاستثمار في المصادر التقليدية والتي تعتبر محدودة ومعرضه للنضوب فعلي سبيل المثال اوشك الغاز في البحرين علي النضوب ولم يعد يسد حاجة دوله صغيرة كالبحرين. و فيما يغفل عنه الجميع ان الاستهلاك يتسبب بكلفة بيئية وما يصاحب الاحتراق للوقود التقليدي من انبعاثات ضارة تسبب احتباس حراري وتغير مناخي قد يؤدي الي عواقب وخيمة ودمار للنظم الايكولوجية مستقبلا.
المصادر
الطاقة المتجددة في الوطن العربي  المعرفة وافاق التعاون العربي _ د. عودة الجيوسي
تقرير التنمية  البشرية 2007/2008

شاهد أيضاً

53373094409_b37bb45917_c

مخرجات قمة المناخ ودور منظمات المجتمع المدني اليمنية والعربية في COP28

  أثمر مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة بشأن تغير المناخ بدورته الثامنة والعشرين (COP28)، والذي …