الرئيسية / الطاقة المتجددة / التوربينات تؤثر على التنوع الأحيائي وتغير سلوك الكائنات وخصائصها الفسيولوجية
مزارع الرياح
مزارع الرياح

التوربينات تؤثر على التنوع الأحيائي وتغير سلوك الكائنات وخصائصها الفسيولوجية

‏ مزارع الرياح تُحدث خللًا في السلسلة الغذائية

التوربينات تؤثر على التنوع الأحيائي وتغير سلوك الكائنات وخصائصها الفسيولوجية

  محمد منصور  

قالت دراسة علمية نشرتها دورية “نيتشر: إيكولوجي آند إيفولوشن‎ Nature: Ecology & Evolution” ‎اليوم “الإثنين”، 5 ‏نوفمبر، إن مزارع الرياح تؤثر على النظم البيئية والسلسلة الغذائية بطريقة أسوأ مما كان يُعتقد سابقًا‎.‎

وأشارت الدراسة إلى أن توربينات الرياح تبدو كما لو كانت “مفترسات جديدة”، تتسبب في آثار غير مباشرة على الحيوانات التي ‏تعيش على الأرض بالقرب منها، وهو الأمر الذي غيَّر من ترتيب “الافتراس” في السلسلة الغذائية الاعتيادية التي تعيش في تلك ‏المناطق، مُقارنة بالنوع نفسه من الحيوانات التي تعيش في بيئات خالية من مزارع الرياح‎.‎

تُعد طاقة الرياح (تحويل حركةالرياح إلى شكل آخر من أشكال الطاقة سهلة الاستخدام،غالبًا كهربائية، وذلك باستخدام ‏التوربينات)، أحد قطاعات الطاقة المتجددة الأسرع نموًّا في العالم، وتقدر القدرة الحالية المولدة بنحو 500 ألف ميجاوات في السنة ‏‏(ما يمثل 4% من الطلب العالمي على الطاقة)، وتحتل مزارع الرياح حوالي 17 مليون هكتار من الأراضي‎.‎

 

وبالرغم من أن طاقة الرياح مصدر نظيف ومتجدد لتوليد الكهرباء، يبدو أن هناك فاتورة يجب أن تُدفع حتى مع محاولة الحد من ‏آثار التغيرات المناخية وتلوث الهواء الناجم عن حرق الوقود الأحفوري‎.‎

 

يشير الباحثون إلى أن الدراسات السابقة أظهرت أن   مزارع الرياح يمكن أن تقلل أعداد الطيور المحلية وتعطل طرق هجرة ‏الطيور وتقلل من كثافة الثدييات البرية وأنشطتها، وأن وجود توربينات الرياح تسبَّب في ارتفاع معدل موت الطيور والخفافيش، ‏كما أعاقت شفراتها هجرة الطيور وقللت من نشاط الثدييات الأرضية”، مضيفين أن “آثار مزارع الرياح أكبر من ذلك بكثير؛ إذ ‏تؤثر البيئات الخالية من المفترسات الطائرة (كالنسور والجوارح) على السلسلة الغذائية كلها‎”.‎

 

حقق الفريق البحثي في تأثيرات توربينات الرياح على الحياة البرية في الهضاب الجبلية المتاخمة لمنطقة “جاتس” الغربية ‏الهندية، لتلاحظ وجود أربعة أضعاف الطيور المفترسة في المناطق التي لا توجد فيها توربينات رياح، فيما تزامن انخفاض أعداد ‏الطيور المفترسة في المناطق التي تحتلها توربينات الرياح مع زيادة أعداد السحالي الموجودة حول مزارع الرياح‎.‎

 

من جهتها، تقول “ماريا ثاكر” -الباحثة المتخصصة في مجال العلوم البيئية في المعهد الهندي للعلوم- في تصريحات لـ”للعلم”: ‏‏”إن قلة الطيور المفترسة أسهمت بشكل أساسي في ازدهار أعداد السحالي، وغيَّرت من سلوكها وخصائصها الفسيولوجية أيضًا؛ ‏إذ لوحظ أن السحالي الموجودة بالقرب من مزارع الرياح لديها مستويات أقل من هرمون الـ”كُورْتِيكُوستِيرُون”، المعروف باسم ‏هرمون الإجهاد، والذي يُفرَز في حالات الخطر، كما أن تلك السحالي سمحت للبشر بالاقتراب منها بشكل غير متوقع، قبل أن تبدأ ‏في الفرار، وتلك العلامات تعني أن المنطقة تغيب عنها المفترسات الطبيعية للسحالي، أو أنها باتت قليلة في أفضل الأحوال‎”.‎

 

تشير “ثاكر” إلى أنه “مع ارتفاع أعداد السحالي في المنطقة، تتأثر السلسلة الغذائية؛ إذ تنخفض أعداد الحشرات التي تتغذى عليها، ‏مما يبشر بحدوث خلل في المنظومة بأكملها”، موضحةً أن “السحالي تستخدم وسائل تمويهية، مثل تغيير لون جلدها، للبعد عن ‏المفترسات وخداعها، كما أن سحالي المناطق المتاخمة لتوربينات الرياح أقل غنًى بالألوان، وهو شيء يدفعنا للتفكير في رؤية ‏شاملة للنظام البيئي، تتواءم مع أهداف الطاقة النظيفة وحماية البيئة أيضًا‎”.‎

مزارع الرياح
مزارع الرياح

 

وتدرك “ثاكر” أن ذلك النوع من الأحداث لا يُمكن منعه بسهولة، مضيفة أن “الدراسة استغرقت 3 سنوات، وتهدف إلى إثبات ‏حدوث تغييرات في السلسلة الغذائية بطرق معقدة حال إزالة المفترس الأعلى –كالطيور الجارحة المفترسة- من السلسلة ‏الغذائية‎”.‎

 

ويأمل الباحثون أن تُلقي الدراسة مزيدًا من الضوء على العواقب التي تنشأ بفعل بناء توربينات الرياح، مشددين على أنهم يؤيدون ‏الطاقة النظيفة بقوة، لكنهم في الوقت نفسه يؤمنون بضرورة الحرص على وضع التوربينات في مكان أفضل يبعد بمسافات كافية ‏عن المناطق الفريدة من الناحية الإيكولوجية، أو تلك التي تتمتع بتنوعٍ بيولوجيٍّ مرتفع‎.‎

 

وتوضح “ثاكر” أن فريقها البحثي سيبدأ قريبًا إجراء دراسات مكملة هادفة لرصد آثار تشييد “توربينات الرياح” على القوارض ‏والحشرات والنباتات القريبة منها‎.‎

 

عن الكاتب 

محمد منصور

محرر علمي درس الهندسة الميكانيكية بجامعة حلوان المصرية. وحصل على دورات متخصصة في الصحافة العلمية من جامعة ‏ييل، ودورات في مجال صحافة الطاقة في جامعة ستانفورد، يركز في عمله على القضايا العلمية المرتبطة بالتنمية المجتمعية ‏وقضايا التغير المناخى‎.‎

المصدر : للعلم سانتيفك امريكا

 

 

شاهد أيضاً

Cerf @ HLF

على هامش منتدى هايدلبرغ، كيف يرى فينتون سيرف (أبو الانترنت) المستقبل، وما الذي يقلقة حيال الذكاء الاصطناعي؟

كتب : عبدالرحمن أبوطالب أكتوبر ٢٠٢٣   فور انطلاقك متجها إلى مدينة هايدلبرج الألمانية، للمشاركة …