الرئيسية / البيئة والمناخ / العراق يحاول مواجهة الجفاف ومخاوف من زيادة التصحر

العراق يحاول مواجهة الجفاف ومخاوف من زيادة التصحر

 

بغداد/ عادل فاخر

تزاداد المخاوف في العراق من زيادة الجفاف والتصحر بسبب شحة المياه، وتجريف البساتين، وغياب الأحزمة الخضراء المحيطة بالمدن، الأمر الذي دعا السلطات البيئية في العراق إلى تشكيل “السلطة الوطنية لصندوق المناخ الأخضر”، كمحاولة لمواجهة التحديات البيئية.

وأعلنت وزارة الصحة والبيئة عن تشكيل السلطة الوطنية لصندوق المناخ الأخضر (NDA) في العراق.
وقالت الوزارة ان “إعلان الصندوق جاء بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة للبيئة، والإستفادة من اليات التمويل الدولية لمعالجة التحديات الجدية التي يواجهها العراق”.

ويعاني العراق أزمة جفاف وتصحر غير مسبوقين في تاريخه بسبب الإهمال الحكومي والتجاوزات في تجريف الأراضي الزراعية والبساتين وتحويلها إلى سكنية أشبه بالعشوائية، بالاضافة إلى شحة الأمطار وقطع دول الجوار (إيرن وتركيا) للروافد والأنهر تجاه العراق ما وسع رقعة التصحر فيه وتلوث الهواء بالغبار.
قوة لمتابعة التجاوزات

وأعلنتْ لجنة الزراعة والمياه النيابية في وقت سابق، ان”اللجنة قدمت مقترحا الى البرلمان يدعو الحكومة الى تشكيل قوة مشتركة من الجيش والشرطة لمتابعة التجاوزات على المياه ومنعها بقوة القانون يطلق عليها “سلطة المياه”.
وقالت عضو اللجنة شروق العبايجي إن “من أسباب أزمة المياه هي كثرة التجاوزات على الحصص المائية المقررة للمحافظات والمدن وحتى الأشخاص، لذا يتطلب من الحكومة ووزارة الموارد المائية تنفيذ عملية تنظيم توزيع المياه وفق المقرر”.
وحذر خبراء من خطورة سد أليسو التركي على الزراعة والواقع البيئي في العراق، مؤكدين انه وفور بدء الحكومة التركية بملء السد الواقع على نهر دجلة، وقطع إيران لتدفق مياه نهر الزاب الأسفل باتجاه أطراف قضاء قلعة دزة شمال السليمانية، إنخفضت حصة العراق الحالية من مياه دجلة من 20.95 مليار متر مكعب في السنة، إلى 9.5 مليارات متر مكعب أي ما يزيد على النصف”.
وبحسب الخبراء فإن هذا التخفيض سيؤدي إلى جفاف وتصحر أكثر من 7 ملايين دونم (691 ألف هكتار)، من الأراضي الزراعية في مختلف المحافظات العراقية التي يمر بها نهر دجلة”.
وكان وزير الموارد المائية حسن الجنابي، شدد على ضرورة بناء ستراتيجيات واضحة وانشاء محطات تحلية مياه البحر في جنوب العراق وديمومة الكري لنهر دجلة ورفع مناسيبه وترشيد الاستهلاك لتجاوز الازمة.
ودعت لجنة الزراعة والمياه البرلمانية، رئيس الوزراء حيدر العبادي إلى تأسيس “سلطة المياه”، لغرض معالجة آثار الشح والجفاف.
وتشهد الموارد المائية في العراق وإقليم كردستان تراجعاً ملحوظاً، جراء السدود المقامة في تركيا وإيران.
وبالتزامن مع اليوم العالمي لمكافحة التصحر والجفاف 17الذي يأتي في السابع عشر من شهر حزيران/ يونيو من كل عام، يعرف خبراء التصحر بالتدهور الأراضي في المناطق القاحلة، وشبه القاحلة، والجافة شبه الرطبة.
والسبب الرئيسي في ذلك هو الأنشطة البشرية والتغيرات المناخية، ويحدث ذلك لأن النظم الإيكولوجية للأراضي الجافة، التي تغطي أكثر من ثلث مساحة العالم، معرضة للاستغلال المفرط والاستخدام غير الملائم، ويمكن للفقر، ولعدم الإستقرار السياسي، ولإزالة الإحراج، وللرعي المفرط، ولممارسات الري السيئة أن تتلف جميعها إنتاجية الأرض.

ويُحتفل باليوم العالمي لمكافحة التصحر والجفاف سويا لتعزيز الوعي العام بالجهود الدولية المبذولة لمكافحة التصحر.
ويعد هذا اليوم لحظة فريدة لتذكير الجميع بأنه يمكن هدف الحد من تدهور الأراضي ممكن التحقيق من خلال حل المشاكل، والمشاركة المجتمعية القوية والتعاون على جميع المستويات.”

زيادة التصحر تؤدي إلى نتائج وخيمة

ويرى المختص بشؤون الجيولوجيا والأرصاد الجوية عباس الجنابي أن”التصحر في العراق يعد أكبر مشكلة بيئية تعرض لها في تاريخه، ما يهدد أمنه الغذائي بالخطر.

وقال الجنابي لـ( الشبكة اليمنية للعلوم والبيئة) إن”زيادة التصحّر في العراق لها نتائج بيئية واقتصادية واجتماعية وخيمة، اذا لم تتم معالجتها بوقت مبكر، مشيرا إلى أن مشكلة التصحر بدأت بالتفاقم بعد عمليات تجفيف الأهوار وإقتلاع الأشجار من بعض المناطق نتيجة الفوضى وغياب القانون الرادع وإنعدام الإهتمام بالبيئة وإهمال القطاع الزراعي”.
وأضاف إن”زيادة التصحر ناتجة أيضا عن شحة المياه وغياب الأحزمة الخضراء، وإنخفاض مستوى الأمطار إلى (250) سم بالسنة، فضلاً عن إرتفاع درجات الحرارة وإرتفاع نسبة ملوحة الأرض وإنحسار الغطاء النباتي، أو وجود غطاء متناثر للنباتات وإنخفاض الإنتاج الزراعي، فضلا عن إنخفاض الموارد المائية، خاصة بعد تشغيل سد اليسو التركي”.
مضار التصحر الإقتصادية

يقول الخبير الإقتصادي ملاذ الأمين إن”العراق يمتلك قرابة 15 مليون دونم من الأراضي الزراعية بضمنها البساتين، وإن هذه الأراضي إلى زمن قريب كانت منتجة لجميع أنواع المحاصيل الزراعية، بالاضافة إلى تربية المزارعين فيها للحيوانات الداجنة كالمواشي والدجاج، واذا علمنا أن قرابة 42 % من سكان العراق يسكنون في مناطق زراعية، أي أن علاقتهم بالزراعة تكون على الأغلب بشكل مباشر، فان أي أضرار في الإنتاج الزراعي سواء كان شحة المياه أو الظروف الجوية أو تناقص خصوبة الاراضي، ستؤثر على نسبة عالية من السكان بسبب إنقطاع أرزاقهم وإرتفاع أسعار المحاصيل الزراعية، وكذلك المنتجات الحيوانية”.
وقال الأمين لـ( ) إن”هذه العواما ستحدث خلالا في الأمن الغذائي وتدهور الإقتصاد الوطني مع نزوح أعداد كبيرة من المزارعين والفلاحين إلى المدن للبحث عن مصدر رزق آخر، وهذه الحالة ستغير ديموغرافية المجتمع وسيصحبها آثار سلبية ومشاكل إجتماعية كثيرة”.

الأسباب والمعالجات اللازمة

كبير خبراء الإستراتيجيات والسياسات المائية الدكتور رمضان محمد حمزة يرى أن أسباب التصحر تكمن في العامل الطبيعي والعامل البشري، ولعل العامل الطبيعي وخصوصا المناخ يحدد درجة أو مدى تحسس النظام البيئي بظاهرة التصحر، بينما يلعب العامل البشري الدور الأكبر في تطور وإتساع وحدة هذه الظاهرة وتأثيرها في القدرة الإنتاجية الحيوية للنظام البيئي”.

وأضاف حمزة وهو عضو هيئة التدريس في جامعة دهوك لـ(الشبكة اليمنية للعلوم والبيئة) إن”العراق يعاني منذ ثمانينيات القرن الماضي من إتساع ظاهرة التصحر وبلوغها درجة كبيرة من التأثير في الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والصحية، بسبب موقعها الجغرافي أولاً ضمن مناخ المناطق شبه الجافة، ويعد المناخ من العوامل الطبيعية المهمة المؤثرة في التوزيع الجغرافي للسكان، لما يترتب عليه من آثار تطال وظائف الإنسان العضوية، فضلاً عن تأثيره في نوعية التربة والنبات الطبيعي والزراعي”.

ويغلب على العراق المناخ القاري وشبه القاري الذي يتميز بالشتاء المعتدل البارد والصيف الجاف شديد الحرارة، فيما يسود اقليم كردستان العراق مناخ البحر المتوسط بشتاء وصيف معتدل.
ويؤكد حمزة على ضرورة أن تتخذ الحكومة العراقية إجراءات عدة لمكافحة التصحر، ومنها إجراء ات بخصوص ضمان الحصص المائية من دول الجواروعدم الإعتماد على التشغيل الكيفي لإطلاق وغلق المياه عن العراق تبعاً للظرف السياسية، وكذلك الإسراع في تنفيذ خطط مكننة نظم الري وتشجيع المزارعين إقتناء أنظمة الري الحديثة، شريطة توافرها بأسعار مناسبة مع توافر مصادر الطاقة اللازمة لتشغيلها (الطاقة الشمسية)، والتوجيه بزراعة محاصيل معينة تتناسب إحتياجاتها المائية مع ما توفره تلك المصادر من المياه، وعدم التفريط في إستنزاف المياه الجوفية وعدم جعلها بديلاً عن المياه السطحية، والبدء بمعالجة مياه الصرف الصحي والمبازل وإستخدامها في الزراعة والبدء ببرامج تحلية لمياه الشرب وإستخدام الطاقة الشمسية كمصدر للطاقة، فضلا عن إستعمال أسلوب الدورة الزراعية للمحافظة على ديمومة خصوبة التربة وقدرتها الإنتاجية”.
وأضاف ان من ضمن الإجراءات الحكومية اللازمة المعالجة السريعة لمشكلة زحف الرمال والكثبان الرملية النشطة خصوصا في شمال غرب وجنوب العراق، وإتباع نظام الرعي المسيطر عليه المقيد وإنشاء مراعي تتوافق قدرتها الانتاجية مع متطلبات حيوانات الرعي في العراق مع توفير الأعلاف الجافة، وتشريع وتفعيل القوانين الخاصة بحماية البيئة والموارد الطبيعية من التدهور الناتج عن الممارسات البشرية المقصودة وغير المقصودة، وضرورة البدء بإنشاء أحزمة خضراء حول المدن وعلى مشارف المناطق التي تتعرض الى ظاهرة التصحر، والعمل على إدخال مشاريع الاستمطار الاصطناعي الى العراق”.

شاهد أيضاً

53373094409_b37bb45917_c

مخرجات قمة المناخ ودور منظمات المجتمع المدني اليمنية والعربية في COP28

  أثمر مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة بشأن تغير المناخ بدورته الثامنة والعشرين (COP28)، والذي …