الرئيسية / الأرض و الفضاء / ناسا تنطلق نحو الهالة الشمسية
سوف يكون مسبار «باركر» الشمسي أقرب إلى سطح الشمس سبع مرات أكثر من أي مركبة فضائية سابقة.
سوف يكون مسبار «باركر» الشمسي أقرب إلى سطح الشمس سبع مرات أكثر من أي مركبة فضائية سابقة.

ناسا تنطلق نحو الهالة الشمسية

سوف يصل مسبار «باركر» Parker الشمسي إلى نقطة دنو من الشمس، لم تبلغها البشرية من قبل.

ألكسندرا فيتز

سوف يكون مسبار «باركر» الشمسي أقرب إلى سطح الشمس سبع مرات أكثر من أي مركبة فضائية سابقة.

 

أبشر يا إكاروس.. فقد صَنعَتْ وكالة ناسا مركبة فضائية يمكنها الطيران عبر الغلاف الجوي للشمس، دون أن تنصهر.

في السادس من أغسطس، إذا تم كل شيء كما خُطط له، سينطلق مسبار «باركر» Parker الشمسي – البالغة قيمته 1.5 مليار دولار أمريكي – من منصة إطلاق في كيب كانافيرال في فلوريدا. وفي خلال ثلاثة أشهر فقط، سوف يصبح أقرب إلى الشمس من أي مركبة فضائية قبله؛ وذلك لأخْذ أول قياسات مباشرة على الإطلاق للكَمّ الهائل من الطاقة في هذا النجم.

سوف يكون مسبار «باركر» الشمسي أقرب إلى سطح الشمس سبع مرات أكثر من أي مركبة فضائية سابقة.
سوف يكون مسبار «باركر» الشمسي أقرب إلى سطح الشمس سبع مرات أكثر من أي مركبة فضائية سابقة.

وهذه ليست سوى البداية، فعلى مدى السنوات السبع المقبلة سوف تحلّق المركبة حول الشمس 23 مرة أخرى، مقتربة أكثر فأكثر، حتى تكون في النهاية قد حلقت حوالي 6.2 مليون كيلومتر فوق السطح، أي داخل الهالة الشمسية؛ وبذلك تكون أقرب بسبع مرات من المسافة القياسية التي حققتها مركبة الفضاء الألمانية «هيليوس 2» Helios 2 في عام 1976.

يهدف مسبار «باركر» الشمسي إلى الإجابة على بعض أكبر الأسئلة البارزة حول الشمس، مثل كيفية تسخين الهالة حولها إلى ملايين الدرجات، فيما يبقى السطح تحتها باردًا نسبيًّا1. وسوف تزور المركبة الفضائية محل نشوء الرياح الشمسية، التي هي فيض من الجسيمات النشطة، التي تنساب إلى النظام الشمسي بسرعات تصل إلى 800 كيلومتر في الثانية. ومتى تصطدم الرياح الشمسية بالأرض؛ فإنها تولِّد شفقًا قطبيًا جميلًا، غير أنها قد تؤدي أيضًا إلى تعطيل الاتصالات عبر الأقمار الصناعية وأنظمة الملاحة.

“سوف نكون هناك، حيث تَحْدُث كل الأشياء المثيرة”، هكذا تقول نيكولا فوكس، العالِمة في الفيزياء الشمسية بمختبر الفيزياء التطبيقية (APL) بجامعة جونز هوبكنز في لوريل بولاية ميريلاند، وهي أيضًا العالمة المسؤولة عن مشروع البعثة.

من شأن البيانات المأخوذة من هذا المسبار، الذي يغوص في الأعماق، أن تساعد الباحثين على تعزيز فَهْمهم للصورة المعقدة لكيفية تجميع الجسيمات، والمجالات المغناطيسية، والطاقة في الشمس. ومن جانبها، تقول نيكولين فيال، العالمة في الفيزياء الشمسية بمركز جودارد لرحلات الفضاء، التابع لوكالة ناسا، في جرينبيلت بولاية ميريلاند: “هذا أمر من شأنه أن يقلب الموازين”.

منذ عام 1958، وفيزيائيو الفضاء يحلمون ببعثة تحلِّق عبر الهالة الشمسية، أو على الأقل تسافر داخل مدار كوكب عطارد، وهو الكوكب الأقرب للشمس. وفي العام نفسه، اقترح يوجين باركر، وهو عالِم في الفيزياء بجامعة شيكاجو بولاية إلينوي، الذي سُمي المسبار باسمه، وجود الرياح الشمسية للمرة الأولى2.

وبعد عقود من التخطيط، تقترب المهمة أخيرًا من الانطلاق. وبعد ثمانية أسابيع من الإقلاع، سوف تمر المركبة محلِّقة من أمام كوكب الزهرة، مستخدِمة جاذبية الكوكب للإبطاء والتسلل إلى مدار أضيق حول الشمس. وبعد خمسة أسابيع من ذلك، في الثالث من نوفمبر، سوف يقترب المسبار للمرة الأولى – على بعد أكثر من 24 مليون كيلومتر – من سطح الشمس، أو 35 مرة طول نصف القطر الشمسي.

ومن هناك، سوف تدور المركبة الفضائية حول الشمس، مقتربةً أكثر بالتدريج، بينما تمر محلِّقة من أمام كوكب الزهرة ست مرات أخرى. ومن شأن هذا المسار أن يمنح المسبار الوقت الكافي لجمع المعلومات، كما يقول يانبينج جو، المهندس لدى APL، الذي صمم مسار البعثة.

وفي مكان ما بين المرة الأولى التي يقترب فيها من الشمس (عند 35 نصف قطر شمسي)، والمرات الأخيرة (في نطاق 10 أنصاف أقطار شمسية)، سوف يواجه المسبار سطح «ألڤين» Alfvén، وهو الحد الذي تصبح عنده الرياح الشمسية أسرع من الصوت. يهيمن المجال المغناطيسي للشمس على داخل سطح «ألڤين»، فيما تكون الرياح الشمسية خارجه أكثر انفصالًا، وتفيض بعيدًا من تلقاء نفسها.

وسوف يكون عبور هذا الحدّ بمركبة فضائية مشابِهًا – رمزيًّا – للحظة التي دخل فيها مسبار «فوياجر 1» Voyager 1 إلى الفضاء بين النجمي في عام 2012، كما يقول جاستن كاسبر، وهو عالِم في الفيزياء بجامعة ميتشيجان في آن أربور، كان قد درس عمليات انتقال «ألڤين»3. وسوف تسجل هذه اللحظة حدث مرور البشرية إلى عالَم آخر في النظام الشمسي. يقول كاسبر: “إنني واثق من أنّ شيئًا مميزًا سوف يحدث”.

يقف مسبار «باركر» الشمسي بشكل عمودي، محمَّلًا بمجموعة من الأدوات المصمَّمة لفحص الهالة الشمسية مباشرة. ويحمي الأدوات درع حراري، عرضه 2.4 متر، ومصنوع من رغوة كربونية، سُمْكها 11 سنتيمترًا، محصورة بين طبقتين من مركب كربوني. ويمكنها تحمُّل درجات حرارة تقترب من 1,400 درجة مئوية. وستظل الألواح الشمسية التي تشغل المركبة الفضائية مبردة، من خلال نظام أنابيب المياه المماثِل لمبرِّد محرك السيارة. وفي أثناء السخونة الحارقة إثر الاقتراب من الشمس، سوف تُثنى غالبية الألواح الشمسية عائدةً للمبيت في ظل الدرع الحراري.

يأمل علماء البعثة أن يسهم مسبار «باركر» الشمسي في إطلاق حقبة جديدة من دراسات الشمس. فوكالة الفضاء الأوروبية تخطط لإطلاق مركبتها الفضائية «سولار أوربيتر» Solar Orbiter في عام 2020، التي سوف تدرس الشمس عند خطوط العرض الأعلى، ومن نقطة أبعد في الفضاء مما سيفعله مسبار «باركر» الشمسي. وبحلول عام 2020 كذلك، سوف يبدأ تليسكوب دانيال كيه. إينوي الشمسي في هاواي في العمل على إنشاء خرائط يومية للهالة الشمسية.

ومن جهته، يتطلع باركر، البالغ من العمر 91 عامًا، إلى رؤية الأمواج والاضطرابات في الرياح الشمسية، التي تنبأ بها، بينما يقيسها المسبار الذي يحمل اسمه. ويقول: “أتوقع أن أجد بعض المفاجآت”.

 

المصدر :نتشر

References

            Fox, N. J. et al. Space Sci. Rev. 204, 7–48 (2016). | article

            Parker, E. N. Astrophys. J. 128, 664–676 (1958). | article

            Kasper, J. C. et al. Astrophys. J. 849, 126 (2017).  | article

شاهد أيضاً

hydraulic-agricultureAR10082020-3-1024x640

إنتاج الأعلاف بواسطة الزراعة المائية: حلّ مبتكر خلال فترات الجفاف

المزارعون الناميبيون ينقذون مواشيهم ويصونون سبل عيشهم من خلال إعادة النظر في أساليب إنتاج الأعلاف …