الرئيسية / البيئة والمناخ / التغيرات المناخية و شيء من المستقبل !
شح المياه يقلص المساحات الزراعية في العراق
شح المياه يقلص المساحات الزراعية في العراق

التغيرات المناخية و شيء من المستقبل !

 سحر محمد  

 اذا كنت من عشاق سينما الخيال الهوليوودية فلابد انك قد تابعت او سمعت عن فيلم  the day after tomorrow ( اليوم المقبل) تصوراحداث الفيلم مدينة نيويورك وهي تغرق بالفيضان الشديد ،  وتتبعه موجه صقيع تطمس معالم المدينة كليا .

قد تبدو الفكرة مخيفة ومبالغ فيها ولكن هل هذا حقا ما يخبئه لنا المستقبل!

على الرغم من عدم دقه الفيلم العلمية الا إنها احد السيناريوهات المحتملة التي وضعها علماء المناخ فهل حقا قد تثور الطبيعة  علينا وسندفع فاتورة التقدم الصناعي ؟

وهل للنشاط البشري يد في تغيير المناخ والي أي حد ؟  ام هي طبيعة المناخ المتقلبة  عبر التاريخ ؟ كل هذه التساؤلات المفتوحة هي مجال خصب للأبحاث التي يسعي العلماء جاهدين للبحث عن اجابات شافية لها .

يجب ان نعرف  ان التغيرات المناخية  هي مقدار التغيير في الغلاف الجوي من حيث درجه الحرارة وهطول الامطار وحركة الرياح وغيرها من العوامل المناخية .

ولكن قد تحدث تلك التغيرات لأسباب طبيعية مثل التغير في كثافة الشمس أو التغيرات البطيئة  في حركة  دوران الشمس او حتي تغيرات في النظام المناخي نفسة  كتغير دورة المياه في المحيط  .

في العقود الاخيرة طرأ تغيرات في درجه حرارة الارض اذ ارتفعت بما مقداره نصف درجة مئوية عن المعدل الطبيعي وتشير بيانات أجهزة قياس درجه الحرارة الى ان النسبة مستمرة في الارتفاع خلال الثلاثين سنة الماضية .

ولكي نستوعب خطورة تبعات هذا الارتفاع علي حياتنا في هذا الكوكب والذي يصفه العلماء بأكبر كوارث القرن العشرين فإن جو الارض يكون دافئا في المقدار الطبيعي بـ 24 درجة مئوية في المتوسط ولكن و بسبب الغازات الموجودة في الغلاف الجوي التي تعمل على امتصاص جزء من اشعه الشمس فان ما نسبته30 % يتناثر في الفضاء وباقي الاشعة الساقطة  تعكسه الارض عليها في النهار علي شكل اشعه تحت الحمراء .

وتعمل  الغازات الموجودة في الغلاف الجوي على الحفاظ على درجة الحرارة  والا لكانت انخفضت درجة الحرارة الي 17 درجة تحت الصفر ولاستحالة الحياة  على كوكب الارض .

  ولكن كيف يحدث التغير في الغلاف الجوي للأرض ؟  عملية التغير تحدث بسبب  النشاط البشري المعاصر والثورة الصناعية التي عملت على تزايد تركيز غازات مثل  بخار الماء والميثان وغاز ثاني اكسيد الكربون  في الغلاف الجوي .

هذا التزايد في النشاط البشري  دفعت البيئة  ثمنا باهضا ! فأبخرة المصانع ومحطات الطاقة التي تستخدم الوقود الاحفوري من غاز ونفط وغيره وكذلك أدخنة السيارات  تعد المصادر الرئيسة لتزايد نسبة ثاني اكسيد الكربون كما يؤكد علماء البيئة والمناخ .

وليس ما سبق ذكره هما المتسبب في هذا التلوث الحاصل والذي عمل على تلك التغيرات في المناخ ولكن هناك نشاطات اخرى ساهمت بشكل كبير في تلك التغيرات  كعملية  استخراج الفحم وما يصاحبه من انبعاثات لغاز الميثان .

وعلى الرغم ان هذه الغازات لا تمثل سوي 1%  في الجو الا انها عملت علي  منع خروج الاشعة الحمراء محدثة عملية الاحتباس الحراري للعارض.

لكن ما الذي تفضي اليه هذه الزيادة في حرارة الارض ولعل القارئ العادي الذي يجهل هذا الموضوع لا يدرك خطورة هذه الارتفاع ، فبحسب تقرير أعدته  اللجنة الدولية للمناخ حول مستقبل الارض توقع التقرير انه بحلول عام   2100  سيتراوح ارتفاع درجة الحرارة  العالمية ما بين  1.1  و 6.4 ولعل ثلاث درجات هي الاكثر احتمالا في هذا المدي الزمني من عمر الانسان والارض .

هذا التوقع في ارتفاع درجة الحرارة خلال الثمانية عقود القادمة سيكون له تأثير كبير في  ارتفاع درجات الحرارة بطرق متباينة و في مناطق مختلفة  من الارض .

فمن المتوقع  ان ترتفع  درجة الحرارة في اروبا و امريكا الشمالية من 3  الي 5  ومن 4  الي 2 درجات مئوية في امريكا الجنوبية وافريقيا واسيا واستراليا.

وسترتفع درجه حرارة اليابسة بشكل اسرع من المحيطات وسترتفع درجة حرارة القطبين اكثر من سواها .

ويتوقع العلماء  تكرار موجات الحر التي شهدتها الارض في عام  2003  والتي تسببت بمقتل ما يقرب من ثلاثين الف شخص كل ثلاث سنوات وذلك حتي عام 2070.

ولعل الاكثر صعوبة هو توقع زيادة نسبة هطول الامطار في بعض المناطق وانخفاضها في اخرى و تعد مشكلة الاضطرابات في هطول الامطار من اكثر الظواهر تأثيرا في المجتمعات البشرية وخاصة العواقب الكارثية التي قد تحدثها كالفيضانات وانجراف التربة وغيرها من الاخطار المختلفة .

ومما يزيد الامر تعقيد ان كمية هطول  الامطار مرتبطة  بالنشاط الزراعي ومياه الشرب فمن المتوقع زيادة نسبة هطول الامطار بمقدار 3% مقابل كل درجة إحترار  زائدة مما قد يؤدي الي اختلال التوازن في التوزيعات الموسمية للأمطار الي جانب التباين الذي سيشهده العالم في المناطق الجافه والتي  ستعمل على ازدياد بعض المناطق جفافا والممطرة ستزداد مطرا.

وبالنسبة لتأثير التغيرات  في درجات الحرارة على عامل الرياح يتوقع العلماء زيادة 5% – 10%  في سرعة الرياح ومعدل تكرارها بالإضافة الى زيادة العواصف المتكررة خصوصا في السواحل و الفجوات  الحرارية بين اليابسة والماء مما سيسبب  مزيد من العواصف الممطرة.تنزيل (1)

ان ارتفاع  منسوب المياه يعد احد الاخطار المحدقة بمناطق السواحل فارتفاع منسوب المياه الناتج عن ذوبان جليد القطب الشمالي قد يرفع نسبة المياه ب 50 سم وهذه الزيادة لا تهدد بالغرق للمدن الساحلية فحسب ولكن يمتد اثرها سلبيا علي المياه الجوفية والتي قد تصل المياه المالحة اليها مما ينذر بكارثه في مياه الشرب.

وتعد  خضوع  الظواهر المناخية الي ما يسمي بتأثير العتبة “وهو قدرة الأنظمة علي تغيير حالتها جذريا بشكل يستحيل معه في بعض الاحيان عودتها الي حالتها الاولية نتيجة لتغيرات طفيفة في شروطها الاولية ” .

وهي عملية تقلق العلماء والباحثين في تأثير التغيرات المناخية على كوكب الارض،  فمن السيناريوهات الكارثية لجموح المناخ  هي توقف مياه المحيط العميقة او ما يعرف بالدورة الملحية والذي يؤدي بدورة الى انهيار درجة الحرارة في شمال غرب اروبا مغيرا  بذلك جميع التوقعات الاقليمية المتعلقة  بالاحتباس الحراري .

وهذه الظاهرة المناخية هي التي جسدت في فيلم اليوم المقبل بصورة مبالغ فيها ، ولكن ومع كل ذلك تظل  كل تلك التوقعات المستقبلية في تغير المناخ مقلقة للإنسان وتدعو الى كبح جماع النشاط البشري حفاظا على الانسان في كوكب نظيف وبيئة مستدامة .

شاهد أيضاً

المهندس طارق حسان

مقابلة خاصة | طارق حسان، أحد الرواد الأوائل للعمل المناخي في اليمن.

المهندس طارق حسان – رائد العمل المناخي في اليمن حضوره ل عشرة مؤتمرات مناخ كمراقب وممثل …